ذوو القدرات الخاصة
حينما يطالب الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين بإطلاق صفة (ذوي القدرات الخاصة) بدلاً من صفة (ذوي الاحتياجات الخاصة)، فسموه لا ينطلق من رغبة لتجميل قضية، بل من واقع عايشه من خلال السنوات الطويلة التي كان فيها الأقرب إلى المعوقين، سواء من خلال إدارته للجمعية، أو من خلال ما يقدمه من دعم غير معلن لمن يحتاج إلى وقفات سموه من ذوي القدرات الخاصة.
فالأمير سلطان بن سلمان يحمل هم الإعاقة بشكل يومي، وكان له دورٌ كبيرٌ في تجاوز الكثيرين لأوضاعهم ودفعهم إلى النجاح، عبر إزالة المعوقات التي تمنعهم من مواصلة دراستهم أو القيام بأعمالهم.
وإذا أردنا أن نبحث في مغزى الكلمة التي يرى الأمير سلطان بن سلمان أنها الأصوب (وهي كلمة القدرات بدلاً عن الاحتياجات) نجد أن كل معوق يعوضه الله بقدرات قد تتجاوز قدرات الأصحاء، البعض منهم لا يكتشفها أو يحسن التعامل معها، وآخرون تنطلق قدراتهم الخاصة بمجرد أن تسهل لهم السبل وتتاح أمامهم الفرص . فالعناية بالقدرات مهم جداً لمساعدة المعوقين على اكتشاف هذه القدرات والانطلاق منها نحو حياة طبيعية.
ولهذا نجد أن هناك من ذوي القدرات الخاصة من استطاع التغلب على الإعاقة وتحقيق ما لم يستطع تحقيقه سليمو الحواس، بل البعض منهم كان مبدعاً بشكل لافت للنظر، ولولا الإعاقة لما برزت إمكاناته وتفجرت طاقاته.
وإذا كنا في حاجة إلى أدلة على هذا الأمر فهناك العديد من ذوي القدرات الخاصة الذين استطاعوا تجاوز حاجز الإعاقة وانطلقوا إلى فضاء النجاح، ومنهم الدكتور أحمد بن صالح السيف الذي كان للأمير سلطان بن سلمان دورٌ كبيرٌ في تسهيل إكماله دراسته العليا في مجال القانون عقب إصابته بإعاقة نتيجة حادث سير قبل 20 عاما.
فالإعاقة التي عاناها الدكتور أحمد السيف نتيجة الحادث كانت سبباً في السعي نحو تخطي حاجز الإعاقة وتحقيق النجاح الذي ربما لم يكن ليستطيع تحقيقه قبل الإعاقة.
فكان أن ذهب للدراسة في الولايات المتحدة ونال شهادة الماجستير في القانون، ثم أكمل تعليمه في جامعة نيوكاسل في بريطانيا حتى نال شهادة الدكتوراة في القانون بأطروحته المعنونة بـ (حقوق المعوقين والتمييز)، ليكون أول عربي من ذوي القدرات الخاصة يتخصص في مجال حقوق المعوقين.
إن اختياري هذا النموذج من النجاح مبعثه أنني كنت شاهداً على جميع مراحله منذ بداية الإعاقة وما تبعها من انكفاء على النفس ثم استيعاب الوضع والانطلاق منه لممارسة تحدٍ مع الذات لإثبات أن قدراته لا تعوقها الإعاقة بل تدفعها إلى مزيد من النجاح، وأصبح الكرسي المتحرك الذي كان مبعث حرج له في البداية، مصدر فخر عبر التأكيد أنه رغم هذا الكرسي فقد حقق ما لم يحققه كثير من سليمي الأعضاء والحواس.
الدكتور السيف أنموذج من نماذج كثيرة تحتاج إلى إلقاء مزيد من الضوء على مسيرتها في تحدي الإعاقة وتجاوز تداعياتها وتحويلها إلى دافع للنجاح.