كيف يتعاون العرب مع أوباما لتحقيق السلام؟

تجب الإشارة ابتداء إلى أن الرؤية الأمريكية للسلام في المنطقة لم تتحدد بشكل نهائي، وأن أوباما سوف يعلن هذه الرؤية عندما يزور القاهرة في منتصف يونيو القادم. خلال هذه الفترة فإن هناك صراعاً محموماً بين إسرائيل والعرب، كل يريد أن يفرض رؤيته ويؤثر في رؤية أوباما. المعلوم أيضاً أن أوباما يختلف قطعاً في كل شيء عن بوش، فيفترض أن أوباما يفهم معنى المعاناة والوحشية والحقوق المشروعة وأنه يريد أن يكون رئيساً متميزاً في تاريخ الولايات المتحدة وأن يحقق مع ذلك سلاماً نسبياً متوازناً لا يعطي العدل الكامل للعرب، ولا يتجاهل ضغوط إسرائيل وأنصارها. ولا شك أيضاً أن أوباما لا يريد مجرد توازنات فارغة تخفي تحتها لهب الحرائق المقبلة، كما أنه يضع عينه على ولاية ثانية تمكنه من تحقيق برامجه.
في ضوء هذه الحقائق المتصلة بكل الأطراف، أين يقف أوباما الذي أدى مجرد انتخابه إلى أن يتنفس الملايين الصعداء لرحيل سلفه الذي ملأ الأرض جوراً وصخبا وظلاما واستعدى الأموات قبل الأحياء على الولايات المتحدة فالأمل في أوباما كبير ولكن الإشفاق عليه من أن تقل قدراته عن حسن نيته احتمال أكبر. ولذلك يمكن أن ينقسم المراقبون إلى فريقين، يرى الأول أن أوباما في نهاية المطاف سيكون مثل بوش مع الفارق بين الشخصين وأن إسرائيل بما أوتيت من قدرات سوف تضطره إلى الميل نحو منطقها ومن ثم يجب ألا تحلق بنا الآمال عالياً. يرى الفريق الآخر أن رغبة أوباما في تحقيق سلام حقيقي وإدراكه الحقائق في المنطقة سوف يجعلانه قادراً على كسب ثقة الطرفين، وأن درجة العدل في التسوية بالنسبة للعرب تتوقف على قدرتهم ليس فقط على إقناع أوباما وإنما على قدرتهم على التأثير الفعلي في إسرائيل وواشنطن معاً ولكن بالقدر الذي لا يدفعهما معاً إلى التحالف ضد العرب.
أما الأوراق التي يمكن للعرب استخدامها فهي لا تقع تحت حصر، أولاها تحصين البيئة الداخلية الفلسطينية من الاختراق الإسرائيلي للصفوف الفلسطينية. الورقة الثانية موجهة ضد إسرائيل وهي تضم عشر طبقات، أبرزها عزل إسرائيل في المنطقة، وامتداد دبلوماسية العزل والمقاطعة إلى ساحات دولية أرحب ووقف مساعي إسرائيل لمزيد من كسب الساحات الإسلامية والآسيوية، والعمل على عزلها في المنظمات الدولية، وتشديد إجراءات المحاكمة الجنائية، وشن حملات إعلامية منسقة لتجريم المشروع الصهيوني الذي وصل يوما إلى درجة التقديس بعد أن رفعته واشنطن من وهدة الانحطاط يوم ساوت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975 بين الصهيونية والعنصرية، ويوم كان العالم كله يعتبر العنصرية من جرائم النظام العام الدولي.
إن جدية أوباما في صناعة السلام العادل في المنطقة كسب للإنسانية ولأمريكا وللقيم في هذا العالم وليس مجاملة للعرب أو مناهضة لليهود. وفوق ذلك كله، فإن السلام حق لشعوب المنطقة ومن بينها الشعب الإسرائيلي الذي قدم له العرب فرصة العيش بينهم ولكن حكومته التي تمثله تمثيلاً حقيقياً تأبى أن تستقر المنطقة وأن تتفرغ للبناء، وتعمل دائماً على دق طبول الحرب حتى إنها لم ترتو من دماء العرب، طوال العقود الستة لوجود إسرائيل في هذه المنطقة، وحتى الآن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي