كوكبنا الأزرق المتألق!
مازالت حلقات حماية البيئة تتدفق لتصب في نهر تعزيز محاربة التلوث وتنمية الشعور بالمسؤولية والأمانة الكبرى التي تحملها الإنسان إنه كان جهولا، ورغم كل ما كتبته في ذلك المجال الواسع الرحب أجد أنني مازلت في حاجة أكثر إلى سليط الضوء على جوانب مهمة أخرى – لأن البيئة هي حياتنا التي نعيشها على كوكب الأرض – هذا الكوكب الأزرق الأنيق المتألق بين المجموعة الشمسية الأخرى التي تعاني الارتفاع الهائل في الحرارة أو البرودة القاسية الشديدة ... لا نبض لحياة بل سكون وصمت عميق لا يطاق بينما كوكبنا الساحر – الذي نمتطيه وندور معه في رحلته حول الشمس – مليء بالحركة والحياة المتدفقة الملونة، فهذه أمواج البحار تتكسر على الشواطئ في نعومة ويسر، والطيور بأشكالها وألونها الجميلة تملأ الفضاء رشاقة وخفة، وتعزف أجمل الألحان على أغصان الأشجار، والحيتان وما شابهها تقفز بخفة ورشاقة فوق المياه ثم لا تلبث أن تعود سعيدة إلى مياه البحر تارة أخرى – وهذه الأشجار الباسقة الخضراء التي تحركها الرياح وتمتلئ بها الغابات ويتخللها ضوء الشمس الفضي وهي ترتفع فوق الأفق تطل علينا مُصْبحة ثم لا يلبث الضياء أن يتحول إلى لون ذهبي أخاذ عندما تودعنا الشمس عند الغروب وتلوح لنا قبل أن تختفي تحت الأفق لتشرق على حقول وحياة وبلاد أخرى، وترى السحب بين الأرض والسماء تظلل ما أمكن من أديم الأرض ثم عندما تصبح مزناً مثقلة بالماء فتمطر بسخاء رحمة على العباد فتدب الحياة وتهتز القفار والبراري فرحة بالحياة فتنبت الأرض من كل زرع بهيج، وكذلك كل تلكم الحيوانات والأنعام التي تعيش مع الإنسان فيستفيد منها وتعتمد على بعضها في البقاء على الحياة ووازن الله تعالى بينها حتى تستمر في التناسل والحياة فلا تتعرض للإنقراض والفناء وهيأ لها مطعمها ومشربها، والإنسان في خضم هذا الكوكب العجيب – الذي يشبه الألماسة الزرقاء الهائلة – التي تختال وتدور حول نفسها فتسفر عن وجهها المشرق في النهار ثم تهدأ وتسدل الرداء في الليل ليسكن الناس وليشمروا عن السواعد عند طلوع الفجر – ويحيا الإنسان بسعادة على هذا الكوكب يشم نسائم الهواء ويشرب من مياه الأرض أو يمتطيها أو يسبح في اليم أو يكتفي بالتمتع بالنظر للمياه وهي ساكنة أو متحركة ويأكل مما تنتج الأرض من الخيرات ويستظل بسماء الأرض ويبصر بضياء الشمس ونور القمر فيرى الأشياء والأماكن وكل ما خلق الله وأبدع، فما أعظم رحمة الله وخيراته التي لا تحصى فما لنا نعكر صفو كل هذا الجمال البهي؟ ولماذا نفسد هذا النظام الدقيق المتوازن الهادئ؟
وفي الحلقة (70) نكمل ما تبقى.