الأمير نايف واستراتيجية الإرهاب
تناول الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء خلال المؤتمر الإعلامي الذي صاحب المؤتمر الوطني الأول للأمن الفكري هذا الأسبوع: تفعيل الاستراتيجية الوطنية للأمن الفكري، وهي الاستراتيجية التي تطرقت أولا لمناهج المؤسسات التعليمية، وثانياً إلى الإعلام الذي قال عنه سموه، يجب على إعلامنا أن يكون في مستوى الواقع وعلى مستوى الإعداد سواءً كان إعلام دولة أو الإعلام الخاص.
هذان المحوران هما أحد محاور الاستراتيجية الوطنية للأمن الفكري (الإعلام والتعليم)، ففي الفترة الماضية حدث تشابك وتبادل اتهامات بين أصحاب الرأي والمثقفين في المجتمع، وفسر الإعلام في بعض الحالات سلوك بعض الأشخاص بأنها منهجية إرهابية ولكن بلا سلاح. وشاهدنا وسمعنا الملاسنات والمشاحنات وبعد أن هدأت عاصفة التشابكات علينا إعادة صياغة بعض الأفكار التي قادت إلى التشكيك والاتهام التي انعكست سلباً على المجتمع، وخاصة داخل قطاعات التعليم العام والعالي والفني، حيث كانت الرسالة الإعلامية تصل للطالب في الفصل الدراسي وعلى مقاعد الجامعة بطريقة غير ناضجة ولا تحمل المهنية العالية والذكاء الإعلامي، حيث تكشفت حقائق صدمنا بها بأن يتحول أبناؤنا إلى أحزمة ناسفة تحركهم منظمات إرهابية دولية وصلوا إليهم قبل أن يصل إليهم إعلامنا أو الأجهزة التعليمية أو الرقابية .. تم اتهام التعليم اتهاماً صريحاً لا يقبل النقاش، قاد إلى تشتيت الباحثين ممن عمل على صياغة استراتيجية الإرهاب لأن المناهج وحدها لا تصنع إرهابا إذا لم يكن هناك من لديه توجه لتبني الفكر الإرهابي، كما أن الإعلام ودون قصد لربما أسهم في وضع مزيد من الضبابية أمام المخططين للوصول إلى الحقائق الساطعة في تحليل دوافع الإرهاب.
التعليم، والتعليم هنا ليس التعليم العام في الداخل وإنما التعليم في شموليته العام والجامعي والفني والمعاهد والتدريب والمبتعثين، إضافة إلى الإعلام، هما محاور الاستراتيجية التي تشخص وتعالج الإرهاب كقضية غير منقطعة يمكن أن تكمن وتخمد، لكنها لن تموت إلا إذا وفقنا الله - سبحانه وتعالى - إلى وضع أيدينا على الأسباب الحقيقية.
في المرحلة السابقة جزم البعض بما لا يدعو للشك أن المناهج الدراسية هي محرك الإرهاب، وآخر جزم أن السلوك الاجتماعي الذي يقوم على المحافظة والأنماط التقليدية هو البيئة الحاضنة للإرهاب، وآخرون فسروا ذلك بالتاريخ العربي والإسلامي الذي يناهض الغرب هو المحرض على نشوء وقيام الإرهاب. وفي المقابل فإن الإعلام أطلق تخرصات وتكهنات واعتقادات غير ناضجة وغير مدروسة أسهمت في تكثيف الضبابية أمام الاستراتيجيين والمخططين عجزوا خلال السنوات الماضية عن كسر الدائرة. أما الآن وقد هدأت بعض عواصفها فيمكننا ملامسة بعض الحقائق، وقد أعطانا الأمير نايف مفاتيح تقودنا إلى الرؤية الصحيحة وخريطة للطريق الأكثر وضوحاً تصبح فيها خطوط الطول ودوائر العرض حقيقية بدلاً من أن تكون خطوطاً ودوائر وهمية.