العمل بمبدأ ترشيد الطاقة

يعد مدخل النظم في الإدارة من الأطر أو النظريات الإدارية التي تتميز بنظرتها الشمولية لظاهرة الإدارة، ومن أهم مزايا هذا المدخل هو نظرته للمنظمة على أنها نظام مكون من عناصر أساسية هي المدخلات والعمليات والمخرجات، إلى جانب العناصر الثانوية وهي البيئة المحيطة والتغذية الراجعة ، و سأكتفي بتوضيح المقصود بالمدخلات لعلاقتها الوثيقة بموضوع مقال اليوم.
المدخلات هي كل ما يدخل إلى نظام الإدارة أو المنظمة، وهي شريان الحياة في المنظمة، ، وتكون المدخلات على عدة أنواع، مدخلات مادية وبشرية ومعنوية، فأما المدخلات المادية فهي الأموال والمواد والمعدات والمباني والتجهيزات، وأما المدخلات المعنوية فيقصد بها الأنظمة واللوائح والوقت والتشريعات والسياسات التي يتم العمل بموجبها النظام. أما المدخلات البشرية فيقصد بها العناصر البشرية التي تعمل في المنظمة.
يسود في الفكر الإداري المعاصر قاعدة إدارية تمسى قاعدة (80/20) ، ومضمون القاعدة يفيد بأن (80 في المائة) من الربحية والكفاءة والفعالية تأتي من المدخلات البشرية، وأن (20 في المائة) يأتي من المدخلات الأخرى، ولتفعيل هذه القاعدة نجد أن إدارة المنظمات الحديثة تطبق أساليب متباينة في التعامل مع كل من مدخلاتها المادية والبشرية والمعنوية، فهي عندما تتعامل مع المدخلات المادية والمعنوية تتعامل معها وفقاً لأسلوب الترشيد وعدم استنفاد الخامات والمواد والمعدات ، وعدم الإسراف في الوقت مما يترتب عليه التشغيل الأمثل لتلك الموارد وتحقيق الأهداف المحددة، وعلى النقيض من ذلك عندما تتعامل مع مدخلاتها البشرية تتوقع منها دائماً بذل المزيد من الطاقة عند ممارسة العمل. وتخصص غالبية المنظمات المتطورة قسما بمسمى إدارة الموارد البشرية من مهامه توفير فرص التدريب والنمو للموظف مما يزيد من كفاياته وعطائه في مجال العمل.
هذه التوقعات الإدارية بشأن كمية الجهد أو الطاقة المتوقع بذلها في العمل تقابل بممارسات خاطئة من جانب العناصر البشرية ، وتشكل في مجموعها ما أسميته" العمل بمبدأ ترشيد الطاقة " وأطرح في السطور التالية بعض السلوكيات الوظيفية التي تدل عليه:
الحضور المبكر والالتزام بمواعيد العمل ولكن بتثاقل جسمي ونفسي مما يترتيب عليه بطء في سرعة الإنجاز للمهام الوظيفية.
الحضور المتأخر إلى العمل ، والاستئذان المبكر وتبرير ذلك بقائمة من الأعذار.
سوء إدارة الوقت بكثرة استخدام الهاتف النقال وهاتف العمل لأغراض شخصية، واستغراق وقت طويل عند تناول وجبة الإفطار، وزيارة الزملاء في الأقسام الأخرى بهدف تمضية الوقت.
أداء العمل بنمطية ورتابة، وانعدام الطموح والرغبة في التجديد فيه من خلال اكتساب المعارف والمهارات ، للتوصل إلى طرق وأساليب حديثة في أداء العمل.
الاعتقاد بأن الأمن الوظيفي والاستقرار المادي في الوظيفة يجلبان السعادة في الحياة، ولكن لو عرف هذا الموظف أن السعادة الحقيقية تنجم عندما يشعر بأن وظيفته مهما كانت طبيعتها هي جزء ضمن نظام أكبر، وأن الحرص على تأدية العمل الصحيح بطريقة صحيحة من أول مرة، والتفاني في خدمة العملاء واحترام وقتهم، ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم، مطلب ديني قبل أن يكون إداريا، وهذا ماتؤكده الآية (97) في سورة النحل " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى? وَهُوَ مُؤْمِنٌ فلنحييه حَيَاةً طَيِّبَةً ? ولنجزيهم أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
خاتمة: صنعت الحضارة الغربية أجهزة لكشف الكذب، وقياس مستوى السكر وارتفاع ضغط الدم، وحرارة الجسم، فمتى تصنع جهازا لقياس مقدار الطاقة المبذولة في العمل الذي نحصل منه على مقابل مادي، وريثما يتوافر في الأسواق، حبذا لو تم استخدام جهاز داخلي أودعه الخالق داخل كل منا أسمه الضمير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي