شبابنا.. شوكة في حلوقنا!
تحديات الشباب في مجتمعنا لا تنتهي..
واحد من هذه التحديات الرئيسة هو ما يتعلق بتحويلهم إلى طاقة منتجة تضاف إلى الثروة الوطنية.
المشهد المؤلم المألوف هو ما نراه بعد منتصف الليل. شباب في عمر الورود يتبضعون من البقالات عند أطراف المدن، وما يشترونه هو (الجراك، المعسل، الفحم، وتشكيلة من المشروبات الغازية والأغذية الخاوية)، هذه هي بعض عدتهم إلى سهرة تمتد إلى أطراف الفجر في الاستراحات المنتشرة في أطراف المدن.
والمؤلم الأكثر في هذا المشهد أن الذين يخدمونهم ويبيعون لهم شباب مثلهم من دول عربية، خدمتهم ظاهرة التستر التجاري فأصبحوا هم ملاك هذه البقالات، وهؤلاء لم تساعدهم ظروفهم على الدراسة، لكن اتجهوا إلى التجارة، وما هي إلا سنوات ثم يتحولون إلى تجار عصاميين، أما شبابنا فحالهم مؤسف، فمنهم من ينتظر وظيفة مريحة في الحكومة، أو حتى وظيفة متواضعة الدخل في القطاع الخاص!
هذا المشهد نستحضره كلما جاء الحديث عن فرص العمل والتدريب الفني والتقني، وقد دار حديث طويل حوله في اللقاء الذي جرى في (ندوة أمطار) الشهرية التي يرعاها الزميل نجيب الزامل، حيث استضافت معالي محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور علي الغفيص، ففي اللقاء وضعنا الدكتور الغفيص على التحولات النوعية الجديدة التي تجري في التدريب التقني والمهني، وأبرزها الاتجاه القوي للتدريب عبر المشاركة مع القطاع الخاص.
إن هذا التوجه هو الآلية العملية الإيجابية لرفع كفاءة مخرجات المؤسسة، فالقطاع الخاص، بالذات الصناعي، لديه الإمكانات المتجددة والخبرات القيادية العالية، ولكن مشكلته في الوظائف محدودة المهارات، فأغلب الوظائف يسدها من العمالة الأجنبية التي أغلبها غير مدرب، بل (أمي)، وذكر الدكتور الغفيص إحصائية خطيرة يفترض ألا تمر مرور الكرام, فقد استشهد بإحصائية: أن 84 في المائة من العمالة يحملون الثانوية العامة فما دون، ولعل المجلس الاقتصادي الأعلى بقيادته الجديدة يقف عندها مطولا.
إذا نسبة كبيرة من القوى العاملة الأجنبية نستقدمها غير مدربة وتأهيلها دون المتوسط، وتتدرب في مصانعنا ومنشآتنا ونتحمل نفقات غير مباشرة لهذا الوضع، إذن، لماذا لا نفتح الفرصة للشباب السعودي؟ إنني أجزم أن قيادات القطاع الخاص لن تقف ضد أي توجهات لرفع تواجد القوى البشرية الوطنية في الصناعة أو في أي مجالات أخرى، وسترحب وتتعاون إذا أوجدنا برنامجا وطنيا عمليا، كما هو الحال مع مشروع الشراكة مع المؤسسة العامة للتدريب، ولكن هذا المشروع مخرجاته قليلة جدا، ولن تلبي احتياجاتنا المتنامية للوظائف، فمازلنا بعيدين عن تحقيق معدلات تطمئن على المستقبل، والشباب أمانة في أعناقنا، وإذا لم (نستثمرهم) فإنهم سوف يتحولون إلى شوكة في حلوقنا ومصدر خطر على مجتمعنا.