ما بعد منتدى تحريك أرصدة النساء؟!
يستهدف المنتدى الاقتصادي النسائي الثاني الذي عقدت فعالياته في الدمام يوم أمس في الغرفة التجارية الشرقية مناقشة تحريك الأرصدة المالية النسائية السعودية المجمدة في البنوك ودفعها إلى الإسهام الفاعل في نشاطات الاستثمار والأعمال وتعميق مشاركة المرأة في مسيرة التنمية.
هذا المنتدى أمامه تجربة ورصيد وتحديات، فالتجربة على المستوى النظري تعود بنا إلى دورته الأولى وما إذا كانت الأوراق والتوصيات التي طرحت آنذاك قد وجدت طريقها للتنفيذ أم لم تجده إلا بمقدار كما أن التجربة من الناحية العملية تضع أمامنا المدى الذي قطعته المرأة السعودية في مجال الاستثمار وعدد المنخرطات فيه وحجم الإسهام.
فيما الرصيد، ونحن هنا نتحدث عن المدخرات النسائية السعودية المجمدة في البنوك فهو حسبما تم تقديره يبلغ 40 مليار ريال سعودي، وهذا بمعيار الاقتصاد يمثل حجما كبيرا له مفاعيله الاستثمارية المؤثرة جدا، فيما لو تم توجيه هذه الأموال في قنوات استثمارية إنتاجية أو خدمية مجدية. أما التحديات فتبقى مرتبطة من ناحية بالكيفية التي يمكن أن تترجم بها آثار التجربة والرصيد، ومن ناحية أخرى مرتبطة بمعضلات عمل المرأة في مؤسسات الدولة وفي القطاع الخاص والمعوقات التي لم تفلح وزارة العمل في تذليلها، وما حكاية تأنيث المحال النسائية إلا مثال على المضاربة على الصلاحيات دون حسم، ومثلها الرجل المدير لنشاط المرأة الاستثماري عند وزارة التجارة.
إن تكاتف 27 سيدة سعودية وخليجية متخصصات في المجال الاقتصادي للنهوض بمهام هذا المنتدى وبالتنسيق مع غرفة الشرقية ومع محيط المال والأعمال، يعني أن ثمة رؤية استثمارية نسوية فعلية تستهدف ضرورة التعبير عن نفسها عبر هذا المنتدى اليوم مثلما فعلت أول مرة، وبالتالي فالسيدات المشاركات والمخططات والمشرفات والناشطات مطلوب منهن (في سبيل جعل هذا المنتدى أكثر وأبعد من دعوة ليكون خطوة عملية) أن يقدمن برنامج عمل إجرائي يحددن من خلاله أولويات مجالات الاستثمار من وجهة نظرهن ويحددن ما يردنه بوضوح من كل جهة حكومية ويحددن في ضوء ما هو مقترح من مشاريع ما يرينه من إمكانية في تحقيق فرص التوظيف للمرأة، وما إذا كان الرقم 193 ألف فرصة قابلا للتحقيق أم أن بالإمكان تحقيق سقف أعلى وليس أقل؟!
منتدى تحريك الأرصدة النسائية السعودية في البنوك ينبغي ألا يستهلك نفسه بكونه فعالية نخبوية فحسب بل من الأهمية بمكان أن تتم متابعة توصياته ليس (بالتعقيب) وإنما بدفع الجهات ذات العلاقة في الهيئة العامة للاستثمار وفي وزارتي التجارة والعمل وغيرها إلى إسلاس النظم والتشريعات الإدارية والحقوقية بما يخدم المشاركة الفعلية الواسعة للمرأة في التنمية عن طريق الاستثمار، مثلما شاركت في نهضة التعليم والخدمات الأخرى المتاحة.