الأعمال المهنية والوظيفية ما بين " التسيب" والراحة النفسية !!
تدور حياة الإنسان حول محاور كثيرة، ولعل من أبرزها المحور الأسري والمحور المهني أو الوظيفي وهما من المحاور شديدة التأثير في الفرد سواء سلبا أو إيجابا، بمعنى أن تخلخل النظام الأسري للفرد والناتج ربما عن تكرار المشكلات والإحباطات داخل الأسرة، إنما يؤثر بصورة تعيق الإنسان في مجالات تفاعله الأخرى. وفي المقابل فإن الحياة الأسرية الداعمة هي المفتاح الفعلي للنجاح ورفع مستوى الإنجاز في قنوات العمل الأخرى، إذاً لا نستطيع بأي حال من الأحوال أن ننفي دور الجانب الأسري في تأثيره في الحياة بشكل عام والحياة المهنية بشكل خاص، كما أن العكس مؤكد علميا أيضا في تأثير إحباطات الجانب المهني على إيجاد مشكلة تفكك أسري أكيدة، ومن هنا فإن الجو المهني يعد محركا نشطا لارتفاع الدافعية سواء داخل العمل أو خارجه، ولكن ما يحدث في الجانب المهني أحيانا هو أن ينظر المدير أو المسؤول للعمل كعمل فقط بعيدا عن المتغيرات الإنسانية التي هي العنصر الحقيقي للرفع من الأداء، وبالتالي تحقيق الإنتاج بالصورة الجيدة وفي هذه النقطة ليس المقصود هو تغليب المشاعر والآراء الشخصية على مجال العمل إطلاقا، وإنما المطلوب هو أن يكون التعامل وفق فنون النظريات الإدارية والقيادية المستنبطة من الكتاب والسنة وحياة الصحابة كرصيد متين نحتاج إلى أن نعود إليه، كما أن الثقافات الغربية أفرزت أيضا العديد من النظريات الإدارية التي من الممكن الاستعانة بها في تطوير الجانب المهني والوظيفي، وذلك ينطلق من وجود نماذج نراها تتكرر أمامنا باستمرار لبعض الموظفين الذين يعتلون مناصب إدارية وقد سلكوا في تعاملاتهم مع مرؤوسيهم طرقا أبعد ما تكون عن أساليب تطوير العمل والارتقاء بالأداء وزيادة الإنتاج، فليس من المهم أن يسجل الموظف أيا كانت رتبته الوظيفية الحضور أو الاستئذان أو الغياب، ولكن ما لا يدركه البعض هو أن الأهم من هذا وذاك هو توفير الراحة النفسية في مجال العمل، وهناك فرق بين مصطلح الراحة النفسية ومفهوم التسيب ولا مجال للخلط بين المفهومين، فكم رئيس أو مدير يحرص على رضا موظفيه!! وكم مدير يجاهد من أجل أن يكون هذا الرضا سبيلا من أجل دفع العمل إلى الأمام!! وكم مدير في المقابل تفكيره لا يتجاوز اغتراره بالمنصب الإداري وجهله للمعنى الحقيقي لما تعنيه الإدارة أو القيادة في المهنة أو داخل نطاق العمل، نحتاج إلى توعية ضخمة تعلم البعض أن العمل لم يعد في عصرنا الحالي يعتمد إلا على لغة الحوار البناء والتفاهم وليس استعراض العضلات بالأمر والنهي وتجاهل الامتيازات الفعلية للموظفين!!، كثير من الجهات تحتم على الموظف حضور دورات تخدم مصلحة العمل وهذه خطوة رائعة، ولكن أعتقد أنها لا بد أن تكون متطلبا مهما ومشترطا لأي موظف قد عين على منصب يتضمن الإدارة أو القيادة ليس لشيء أهم من أن نبني جانبا مهنيا ووظيفيا بناّء يخدم مجتمعنا ويطور طاقاته وقدراته.