التدخل.. حتى لا ينهار القطاع الثالث

الأزمة المالية العالمية لم يكن ضررها مقتصراً على القطاعين العام والخاص فقط بل أضر بالقطاع الثالث وهو القطاع الخيري (الجمعيات الخيرية), وهذا القطاع هو الأضعف بين الحلقات الثلاث لأن موارده وأعماله تعتمد بشكل كبير ومباشر على التبرعات والمساعدات والهبات. فإذا أحجم القطاع الخاص من شركات ومؤسسات وبنوك ورجال أعمال عن تقديم العون له فإنه بلا شك سينهار وتنضب وتتجفف موارده.
في المملكة كما هو في دول العالم يبني القطاع الثالث ميزانيته على المساعدات من البنوك وبيوت المال من الميسورين ورجال الأعمال وبعض الجهات الاستثمارية.
على الرغم من أن بعض الجهات الخيرية طورت من أدائها ليكون لها مواردها الخاصة مثل الاستثمارات والأوقاف لكن أعظمها تعيش على المساعدات السنوية من القطاعين.
وفي ظل هذه الأزمة الاقتصادية العالمية توقفت المعونات المالية والعينية ونتيجة لذلك تضررت شريحة واسعة من المجتمع يقوم اقتصادها اليومي ومعيشتها على الجمعيات الخيرية وتدرجت بها الحالة حتى دخلت في ضائقة مالية من إيجارات المساكن والمعيشة اليومية والكسوة السنوية وتدبر حياتها ما بين التزامات الأطفال وكبار السن وبين الخدمات الصحية والعلاجية, حتى بدأت بوادر الأزمة المعيشية تظهر عليها تمهيداً لمرحلة ثانية في حال توقفت مساعدات الجمعية إلى خروجها إلى الشوارع بحثاً عن حل أزمتها وتأمين القوت اليومي ومصاريف التعليم والعلاج ومتطلبات السكن من دفع الإيجارات المتأخرة والمتراكمة.. نتمنى ألا تصل الحال بالقطاع الثالث إلى هذه الدرجة التي بدأت تتكشف في كثير من دول العالم وخاصة في دول صنفت أنها دول صناعية.. هل ننتظر حتى تتحول إلى ظاهرة جماعية وتكسر تلك الشريحة صمتها وتفترش الأرصفة!!
الدولة لها مواقف عديدة في معالجة الفقر من تأمين المسكن والقروض والصرف المباشر الذي يتطلب الدراسة المستفيضة والخطط طويلة الأجل, لكن الوضع الحالي استثنائي مما يستدعي تدخل الدولة السريع في معالجة أوضاع ذلك القطاع وضخ الأموال في هياكله المالية والتنظيمية لتغطية النقص والفراغ الذي حدث بسبب توقف القطاع الخاص عن المساعدات.. وهذه الأمور لو قررت فإنها ستصل مباشرة إلى تلك الشريحة وكأنه ضخ الدماء وماء الحياة في هذا القطاع الذي لا يستطيع أن يصمد ويتجلد طويلاً أو ينتظر انفراج الأزمة المالية.
هذه الشريحة (القطاع الثالث) متى انهار فإن علاجه ولملمته واحتواءه ستكلف الدولة من أجهزة اجتماعية وتعليمية وأمنية الميزانيات والأموال الطالة, لذا يتطلب التعجيل في دعمه وإسناده حتى ينقشع سواد الأزمة الاقتصادية ويعود القطاع الخاص إلى مساندة الدولة في الصرف والرعاية على هذا القطاع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي