إيذاء الآخرين
كنت أعتقد أن عبارة "الدين المعاملة" حديث نبوي، لكن رغبتي في التأكد من ذلك كشفت لي أنها من الكلمات التي تتكرر على ألسنة العلماء. وأنا أحب عبارة "الدين المعاملة" كثيرا لأنها تختصر في كلمتين قصيرتين موقفا إنسانيا، فدين المرء هو مكسب ينعكس بالدرجة الأولى على ذاته، أما تعامله فهو يؤثر في الآخرين. والكل يتمنى أن يكون تواصل الناس معه وتواصله معهم قائما على هذا الأساس. وكلما ارتقى تعامل إنسان يغدو أكثر انسجاما مع تدينه ومع إنسانيته أيضا.
إن اعتبار المعاملة مع الآخر مظهرا للسلوك المتحضر يتسق مع ما تدعو إليه الأديان السماوية، فالله، سبحانه وتعالى، كرّم بني آدم على سائر المخلوقات، وهذا التكريم بشكله المفتوح يجعل امتهان كرامات الناس أيا كانت توجهاتهم أو انتماءاتهم أو جنسياتهم أو معتقداتهم يندرج تحت مسألة الاستقواء والتعنصر الذي تعافه النفس السوية.
بالأمس القريب، شاهدت في الشارع رجلا أرعنا، يقفز من سيارته وينهال بالضرب على سائق مسكين نتيجة سوء تفاهم. ما أثلج صدري أن استهجان هذا التصرف كان عاما، فقد التف الناس لإنقاذ السائق من المعتدي الهائج وسلموه إلى إحدى الدوريات.
العبارات النابية والعنصرية التي كان يستخدمها هذا الشخص، جرحت مشاعر من شاهد الحادثة. وأجزم أن الأمر أصبح محسوما بمجرد وصوله إلى الأجهزة الأمنية، لكن يظل السؤال: لماذا يضع البعض نفسه في دائرة الإيذاء واستعداء الآخرين؟ إن القوة التي يستشعرها إنسان عادي تجاه شخص آخر أضعف تعكس صورة من صور جبروت الإنسان إذا لم يتذكر بشكل دائم أن الله يراه. وبعض الناس لا يستحضر هذه الأمور لكنه يصبح سويا إذا ما وقع تحت طائلة القانون.