أكاد أصرخ!

أكاد أمنع نفسي من الكتابة في هذا الموضوع .. أكاد أداري وجهي خجلاً لأنني أنتسب إلى فصيلة الإنسان .. أكاد أصرخ ألماً وغضباً لأن في بلادي رجلاً مثل هذا الوحش .. وهذه المجرمة .. أنتم تعرفون عمن أتحدث .. إنني أتحدث عن الطفلة "غصون"، التي أثارت قضيتها جدلاً واسعاً في الأوساط السعودية منذ عام تقريباً .. وها هي تعود من جديد بالحكم العادل الذي نطق به قاضي المحكمة العامة في "مكة المكرمة".
"غصون" كانت طفلة في التاسعة من عمرها تحملت ما لا تتحمله الجبال ومن قبل من؟ والدها الذي انتزعت الرحمة والإنسانية من قلبه ليتحول لجلاد يتلذذ بتعذيب فلذة كبده .. تساعده زوجته التي أقل ما توصف به أنها ليست من جنس البشر .. الأب شك في نسب طفلته وأنه ليس والدها الحقيقي لها فسامها أنواع العذاب من ضرب وحرق وإطفاء السجائر في جسدها الصغير .. وكي لسانها .. وربطها بالسلاسل لأيام دون طعام .. وسكب الكيروسين على وجهها وجسدها وهي عارية .. والتفكير بإغراقها في البحر ودهسها بسيارته .. وإجبارها على شرب بولها .. وإرهابها نفسياً وتشويهها جسدياً .. كل ذلك من أجل التخلص منها تحت مبرر الشك .. ما هذا الأب المجرم .. لم يترك وسيلة تعذيب لم يستخدمها حتى أصبح موسوعة لطرق التعذيب.
القضاء قال كلمته .. والقاضي خاطب الزوجين القاتلين قائلاً: "هذا القتل يعد نوعاً من القتل صبراً، وقد عظم الشرع قتل البهائم صبراً فكيف بالآدمي، ونظراً لانتشار ظاهرة تعذيب الأطفال خصوصاً بعد انفصال الزوجين .. فإن ذلك يستدعي عقوبة رادعة تناسب الجريمة وعظمها".
الزوج (ن. ح) البالغ من العمر 32 عاماً والزوجة (أن. غ) البالغة من العمر 27 عاماً أصدر القاضي ضدهما حكماً بالقتل تعزيراً على ما نسب لهما من جريمة التعذيب والقتل بحق الطفلة "غصون"، التي رحلت عن الدنيا لتبقى قصتها شاهداً على ما يلقاه الأطفال من تعذيب وتنكيل وتشويه لأجسادهم البريئة من جانب أشخاص تجردوا من الإنسانية تحت مبررات واهية.
وقد جاء في حديث المدعي العام أن الزوجين اعترفا كاملاً بالجريمة وبالطرق والأساليب البشعة التي اتبعاها للنيل من الطفلة المسكينة.
والأمر المؤسف في القضية .. أن تحليل الأنماط الوراثية لعينة الدم القياسية للطفلة "غصون" والمدعو (ن. ح) أثبت أنه هو والدها الحقيقي بنسبة تتجاوز 99.99 في المائة بحسب قاعدة المعلومات الوراثية للشعب السعودي.
إذن فقد قتل هذا الحيوان طفلته بيديه .. قتل ما نسميه فلذة كبده .. ولكنه في الأغلب بلا كبد .. وبلا قلب .. وبلا عقل.
لقد شفى الحكم بعض ما نحس به من ألم وغضب .. والأهم من الحكم دلالته .. لا تكونوا بهذه القسوة مهما كانت الأسباب .. أقولها للذين يمارسون العنف ضد الزهور.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي