إطلاق المحفظة الاستثمارية

[email protected]

بعد الانتهاء من تقييم المشاريع المقترحة، تبدأ عملية الاختيار التي تهدف إلى تشكيل قائمة مختصرة بالمشاريع المؤهلة لدخول المحفظة، وذلك بناء على نتائج مرحلة التقييم وتوصيات مدير المحفظة. فقد ترفض الهيئة جميع المشاريع التي تتسم بدرجة مخاطرة عالية وتتجاوز الحد المقبول بالنسبة لها؛ والمشاريع التي لا تحقق العائد الاستثماري المطلوب؛ وقد يتم رفض مشاريع لأسباب تتعلق بالجودة التي لا ترقى إلى المستوى الذي تتطلع إليه الهيئة، أو المشاريع التي تتطلب، قبل البدء فيها، إنفاق مبالغ ضخمة على أمور عديدة، منها استملاك الأرض على سبيل المثال لا الحصر.
ومع انتهاء مرحلة الاختيار، يباشر مدير المحفظة في إعداد توصياته المتعلقة بتحديد المشاريع الأكثر جاذبية وذات الأولوية؛ والمشاريع المقبولة، وأيضاً المشاريع المرفوضة والتي تم استبعادها.
وهنا تبدأ مرحلة "تحديد الأولويات" التي تهدف إلى ترتيب المشاريع حسب أولويتها في كل فئة على حدة. فعلى سبيل المثال، قد يتم ترتيب المشاريع تبعاً لعائد الاستثمار؛ أو درجة المخاطرة - بدءا بأقلها مخاطرة وانتهاء بأكثرها - أو تبعاً لجاذبية موقع المشروع وقدرته على استقطاب المستثمرين، إضافة إلى معايير أخرى مثل التكلفة ومدة التنفيذ وغيرها.
ولدى تحديد المشاريع ذات الأولوية، تبدأ مرحلة "توازن المحفظة" التي ترمي إلى تشكيل محفظة تضم توليفة من المشاريع تضمن توفير أفضل فرصة ممكنة لتحقيق الهدف الذي تم على أساسه اتخاذ قرار إنشاء تلك المحفظة. وتنبع أهمية هذه المرحلة من أنها تساعد مدير المحفظة على توزيع الموارد المالية على المشاريع بالشكل الصحيح، وتبعاً لحاجة كل منها من أجل تحقيق العائد المتوقع على الاستثمار في ضوء درجة المخاطرة المقبولة التي أقرتها سياسة الهيئة. وعلاوة على ذلك، يجب أن نضع في الحسبان العلاقة التي تربط بين هذا المشروع وذاك، على اعتبار أن مثل هذا الترابط قد يتسبب في فشلهما أحياناً. ولذلك يتم عادة التعامل مع المشاريع المترابطة من خلال برنامج متكامل.
بالطبع هناك أساليب عديدة متبعة لتحقيق توازن المحفظة. فبعض هذه الأساليب مبني على الخبرة التراكمية لمدير المحفظة وحسه الداخلي، في حين أن البعض الآخر يعتمد على نماذج حسابية مثل "البرمجة الخطية" و"البرمجة الديناميكية". وهناك استراتيجيات تقوم على الجمع بين هذين الأسلوبين. ولعل أحد أكثر الأساليب شيوعاً على هذا الصعيد، هو ما يعرف باسم "أسلوب مستوى خط الماء". ويقوم هذا الأسلوب على افترض أن هناك كمية محددة من الماء تمثل الموارد المالية المتوافرة للمحفظة، وأن كل مشروع في المحفظة يحتاج إلى جزء من هذا الماء. ويهدف هذا الأسلوب إلى إيجاد التوليفة الأمثل من المشاريع، والتي لا يتجاوز إجمالي احتياجاتها حجم الماء المتوافر.
وعليه، يجري إعداد توليفات مختلفة من تلك المشاريع، ولكلٍ منها معايير مختلفة عن الأخرى من حيث آلية اختيار المشاريع، وترتيبها حسب الأولوية. فعلى سبيل المثال، يجري إعداد توليفة من مشاريع ذات عائد استثماري لا يقل عن 15 في المائة، وتكلفة تتراوح بين 30 و40 مليون دولار، وتتمتع بموقع جاذب للمستثمرين. ويمكن أن يتم إعداد توليفة أخرى بمتطلبات مختلفة ومن ثم تحديد المشاريع التي تستوفي الشروط المطلوبة. وبعد ذلك، يقوم مدير المحفظة باختيار أفضل توليفة مشاريع من حيث درجة توازنها ومستوى انسجامها مع الأهداف الاستراتيجية للمحفظة.
ويلي ذلك تطبيق الآلية الأخيرة من آليات هيكلة المحفظة الاستثمارية، وهي "التفويض"، حيث تقوم الهيئة أو أصحاب العلاقة، بتفويض مدير المحفظة رسمياً للشروع في توزيع واستهلاك، الموارد المالية الخاصة بالمحفظة، على أن يقوم المدير بإطلاعهم بصورة رسمية، على القرارات التي اتخذها لتحقيق توازن المحفظة، والمشاريع التي تم اختيارها لتكون ضمن المحفظة، وكذلك المشاريع التي تم استبعادها. ويتوجب على مدير المحفظة توضيح النتائج المتوقعة لكل مشروع على حدة، وشرح المعلومات المهمة بالنسبة لكل مشروع، بما في ذلك التواريخ الأساسية لمراحل إنجاز المشروع، وغيرها من البيانات التي يطلبها أصحاب العلاقة، أو التي يرى المدير أن توضيحها مهم.
وبإصدار التفويض الرسمي، يتم إطلاق المحفظة الاستثمارية ليبدأ العمل على تنفيذ خططها ومشاريعها ومتابعة مجرياتها.

* الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة سي إم سي إس

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي