شفافية "الإخبارية"!!

[email protected]

أصبح هناك عادة لدى كثير من المسؤولين وهي التأكيد في مختلف المناسبات وأثناء المقابلات الصحفية أو الإذاعية أو التلفزيونية، أن أداء إداراتهم يسير بالمستوى المطلوب ووفق الخطط المحددة وفي إطار الجداول الزمنية الموضوعة ووفق النهج المرسوم لها، مؤكدين أن جميع الأمور تنفذ على أكمل وجه وبأقصى سرعة، وأن جميع الخدمات المطلوبة من المراجعين تقدم لهم بكل يسر وسهولة. وقد يضيف هذا المسؤول أو ذاك أثناء حديثه أمرا مهما، وهو أنه تم تطوير أداء إدارته وذلك من خلال استخدام الحاسب الآلي وشبكة الإنترنت وغيرها من الوسائل التقنية الأخرى، كما تم استحداث قسم خاص بشكاوى المراجعين. وقد يضيف أنه قد تم توفير هاتف مجاني قد لا يعرف رقمه، وعند مواجهة هذا المسؤول بوجود أي خطأ أو خلل في إدارته، وقبل إكمال الاتهام يقوم مباشرة بالدفاع وعدم الاعتراف به واختلاق الأعذار وتبرير القصور وتقديم عشرات الأسباب لتأكيد أن ما حدث من خطأ أو تقصير، إن صح فعلاً، فإنه وإدارته غير مسؤولين عنه، بل يتم تحويل هذا الخطأ إما إلى جهة أخرى وإما إلى جهة أعلى بتهمة أنها لم تقم بتوفير ما يلزم من إمكانات أو لم تعتمد الميزانية المطلوبة أو توفر العمالة اللازمة، ما ساهم في حدوث مثل هذه الأخطاء.
ويبقى الناس نصفهم يعيشون في حلم جميل من خلال سماعهم مثل هذه المقابلات، وشعورهم بأن "كل شيء تمام"، والنصف الآخر يكوى بنار الواقع الذي يعيشه ويراه أمام عينيه كل يوم.
ومن الملاحظ أن السنوات الخمس الماضية ساهمت في إلغاء مثل هذا النموذج من المقابلات والتصريحات، فأصبحت المكاشفات مع المسؤولين تتم على الهواء مباشرة وأمام الملأ دون إعادة صياغة أو تحوير أو تعديل أو غيرها من المحسنات أو الجماليات التي كانت تضاف إلى تلك التصاريح، ولعل من أهم هذه القنوات التي فتحت أبوابا واسعة من الحرية والشفافية لمواجهة هؤلاء المسؤولين هي قناة الإخبارية وما تقدمه من برامج متميزة مرتبطة ارتباطا مباشراً بالمستفيدين من الخدمات في العديد من الدوائر الحكومية، سواء من خلال "سؤال اليوم" أو من خلال البرامج المنوعة التي يتم خلالها استضافة المسؤولين وتوجيه الأسئلة المباشرة لهم والاستماع إلى مداخلات الجمهور، التي أصبحت من الوسائل المهمة التي يمكن أن يستفاد منها في تقييم أداء مثل هذه الدوائر، إذ إنها تأتي من مصدر آخر لم نتعود على سماع صوته أو مشاهدته، وهو المراجع، على الرغم من أنه هو أهم مصدر إذ إنه المستفيد الذي من أجله تقدم الخدمة.
إن الوضوح والشفافية التي تقدمها برامج قناة الإخبارية من خلال حواراتها مع المسؤولين لهو جانب مشرق جميل في حياتنا يضاف إلى جوانب أخرى متعددة بدأت تشرق بشكل واضح، فها هو مجلس الشورى يضيف إلى إنجازاته استضافة بعض المسؤولين وسؤالهم عن أداء إداراتهم من خلال شفافية واضحة، وها هي العديد من المقالات الصحافية أخذت تعرض كثيرا من القضايا التي كان من غير الممكن أن يسلط عليها الضوء في السابق.
وحتى تنجح هذه الشفافية وتحقق أهدافها يجب ألا تكون مظهراً لا مضمون له، بل يجب أن يصاحبها عمل واضح مميز وإلا فلا فائدة منها، كما يجب أن تكون شفافية نقية خالية من كل مصالح شخصية، فبعض المواجهات الإعلامية على الشاشة لوثت بحظوظ النفس وأصبحت مواجهات شخصية تسعى إلى الانتقاص من الآخرين والطعن في أماناتهم والتشكيك في قدراتهم.
إننا بحاجة ماسة إلى أن نطور مفهوم الشفافية، وننتهز هذه الفرصة الذهبية ونجعل من هذه البرامج وسائل تساهم في تقديم صورة حقيقية عما يحدث على أرض الواقع بعيداً كل البعد عن التنظير لتساهم في تقديم نتائج عملية تصحح كثيرا من الأوضاع الخاطئة وتحقق الازدهار والنماء لهذا الوطن المعطاء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي