في فمه سيجارة!

[email protected]

يقول لي صديق إنه اكتشف وبعد مرور عشرين عاماً أن أزمته الصحية قد انتهت وبات يعيش حالاً أفضل .
اكتشافه الخطير ظهر بعد تركه التدخين فترة بلغت ستة أشهر .. ولكن حيويته الصحية "كما يشير" ظهرت بعد نحو السنة ويؤكد وهو الأهم لديه أن اضطرابات النوم قد رحلت، والشعور بالاكتفاء منه قد حضر، وصداع الصباح المصاحب بـ "شين النفس" قد اختفى ..وما يبعث على السعادة لديه أكثر أن النواحي الجنسية باتت أفضل وأكثر انسجاماً مع أم العيال، فلا سعال ينغص التقارب، ولا رائحة كريهة تمنع التواصل.
وبعد حبور صاحبنا، نشير إلى السؤال التالي: إذا كانت هذه كلها سلبيات ظاهرة وملموسة ويعانيها كل المدخنين، فلماذا الاستمرار مع هذه العادة الخبيثة؟
هذه السيجارة اللعينة منغصة للحياة، وكيفها طارد للصحة، فهل من برأسه عقل يقدم على هذه المنغصات والمؤثرات السلبية؟ ناهيك عما تسببه من أمراض وسوء في عمل الأجهزة التي يمر بها هذا الدخان السام.
لو سألت كل من على هذه المعمورة حول الصحة لأبدى لك أمانيه بأن تأتي إليه أو تستمر معه، لكن الإنسان ضعيف يتبع شهواته حتى لو كان فيها تدميره، ويكفي من ضعفه وخنوعه أن علبة السجائر التي يحملها تحمل عبارات تحذيرية خطرة منها ما يذهب إلى تسببه بالسرطان، وآخر يشير إلى نسبة القطران .. وهو ما يثير الغرابة، حتى إنك حين تطلب من شخص مدخن أن يضع أنفه قريباً من عادم السيارة فهو بلا شك سيشير إليك بأن طلبك مجنون لما سيحمله عليه من أضرار، يفعل ذلك وهو يتجاوز ليحمل معايير مستقبله الصحي في جيبه وعبر سجائره التي يمصها مصاً من فرط ضعف نفسي لا يحتمله إلا بما يزيده سوءاً.
التدخين آفة ضارة تفتك بمجتمعنا، وبكل أسف أنها باتت تنتشر بين المراهقين والفتيات، يشجع عليها ضعف الرقابة، وسوء وسائل التوعية والتوجيه.. وعليه من الجدير جداً أن تكون وزارة التربية والتعليم سبيلاً أساساً للتوعية والإرشاد، ولا بأس إن احتوت المقررات مناهج تشير إلى كل ما يخص الأخطار المحدقة بالصحة، ولا بأس أيضا إن احتوت على كل ما يساعد على النفور من هذه العادة السيئة من خلال التركيز على أخطارها بالأمثلة والصور والاستعانة بالمعلمين القادرين على إيصال الرسائل الخاصة بذلك.
بكل أسف فالتقارير تشير إلى أن مجتمعنا مدخن وبشراهة .. وتشير أيضاُ إلى أن مقاهي المعسل والجراك والاستراحات باتت محل عبث بأشخاص كثيرين .. ولن نستطيع أن نخترق كل المؤثرات إلا من خلا ل مرتكزات توعوية على قدر من الفاعلية، فهل سيكون للتوعية والإرشاد نصيب من الميزانيات المطروحة في وزارتي التعليم والصحة، نتمنى ذلك لأن خطر التدخين قد تفاقم .. وإن كان صديقي قد نجا منه، مع دعائنا له بالثبات، فإن الحقيقة تشير إلى أن كثيراً من المدارس التعليمية قد بات مرتعاً له.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي