نمو أرباح الشركات .. إلى أين؟

[email protected]

مع اكتمال إعلان جميع الشركات عن نتائجها المالية الأولية للربع الأول 2007، يتبين لنا أن إجمالي صافي أرباح الشركات في الربع الأول لهذا العام بلغ 18.3 مليار ريال مقارنة بـ 18.5 مليار ريال في الربع الأول من 2006 ومقارنة أيضا بـ 17.6 مليار ريال في الربع الرابع 2006. هذا يدل على أن النمو السنوي لصافي أرباح الشركات انخفض من 18 في المائة (بالموجب) مع نهاية 2006 إلى 1 في المائة (بالسالب) مع نهاية الربع الأول من هذا العام، في حين أن النمو الربعي لصافي الأرباح ارتفع من 15 في المائة (بالسالب) مع نهاية الربع الرابع 2006 إلى 4 في المائة (بالموجب) مع نهاية الربع الأول 2007.
بناء على ذلك، فإنه في حال حافظت الشركات على مستوى الربحية المحققة في الربع الأول من هذا العام خلال الأشهر التسعة المتبقية من 2007، فإنه من المتوقع أن تحقق الشركات نهاية العام الحالي إجمالي صافي أرباح بقيمة تقديرية تبلغ 73.1 مليار ريال مقارنة بـ 77.1 مليار ريال المحققة نهاية 2006، أي انخفاضاً سنويا لنمو الأرباح بقيمة أربعة مليارات ريال تمثل نسبة 5 في المائة تقريبا يحصل لأول مرة منذ عام 1999، حيث إن الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية حافظت على معدلات نمو سنوية متصاعدة في إجمالي صافي الأرباح منذ عام 1999 (كما هو موضح في الجدول المرفق).

ماذا يعني هذا للمستثمرين؟
هذا يعني أن القوة الدافعة لارتفاع أسعار الأسهم خلال السنوات الأخيرة، المتمثلة بالنمو المطرد لأرباح الشركات، بدأت بالتلاشي تدريجيا لتدخل في مرحلة النمو السلبي لأول مرة منذ سنوات طويلة، وبالتالي فإنه إذا لم تتمكن الشركات من تحسين أرباحها خلال الأشهر المقبلة مقارنة بالربع الأول من هذا العام فإن الأسعار السوقية للأسهم قد تشهد مزيدا من الضغوط التي يبدو أنها ستتركز في الشركات ذات التقييمات المرتفعة وذات الخسائر المتراكمة وذات النمو السلبي للأرباح، التي تفتقد محفزات الأداء المستقبلي. بعبارة أخرى، يبقى الأمل في المحافظة على النمو السنوي لصافي الأرباح من خلال استمرار النمو الربعي الايجابي خلال الأشهر المقبلة من 2007، وفي حال عدم تحقيق نمو ربعي إيجابي فإن الوضع بلا شك سيكون صعبا على السوق.

خلال الفترة الماضية، يتضح لنا وجود ارتباط إيجابي بين متغيرين رئيسيين يؤثران تأثيرا مباشرا في السوق هما:
1 ـ تلاشي 19 في المائة من النمو السنوي لأرباح الشركات (من 18 في المائة بالموجب نهاية 2006 إلى 1 في المائة بالسالب نهاية الربع الأول 2007)، ما يعني انتهاء مؤقت لتأثير نمو الأرباح الإيجابي على أسعار الأسهم لدفعها نحو مستويات مرتفعة.
2 ـ خسارة المؤشر العام للسوق نحو 20 في المائة من قيمته خلال الأسابيع الماضية (من مستوى 8.950 نقطة إلى 7.200 نقطة تقريبا) لتعويض انخفاض مكرر الربحية المستقبلي للسوق من مستوى 17.5 مضاعف إلى 16.1 مضاعف خلال الفترة نفسها، ما يدل على أنه حتى تتمكن السوق من اختراق مكرر الربحية المستقبلي البالغ 17.5 مضاعف الذي أصبح يمثل نقطة مقاومة، فإنه يجب المحافظة على معدلات نمو إيجابية لأرباح الشركات والمحافظة أيضا على المستوى الحالي لأسعار الفائدة على الريال السعودي أو أقل، التي تبلغ حاليا 5 في المائة تقريبا، لأنها تمثل تكلفة فرصة بديلة مرتفعة نسبيا مقارنة بمتوسط عائد الربحية للسوق البالغ حاليا نسبة 6.2 في المائة.
نتيجة الانخفاض المتوقع في النمو السنوي لصافي الأرباح خلال العام الحالي 2007، فقد شهد مكرر الربحية المستقبلي ارتفاعا كبيرا لدى غالبية الشركات (مثل شركات الاتصالات والبنوك والزراعة)، ما يعني ارتفاع التقييمات على الرغم من ثبات أو انخفاض الأسعار بسبب إعلانها عن أرباح أقل كثيرا من التوقعات، في حين انخفض مكرر الربحية المستقبلي بشكل كبير لدى القلة من الشركات (مثل شركة سابك وشركات الأسمنت)، ما يعني أيضا انخفاض التقييمات بسبب إعلانها عن أرباح أعلى من التوقعات.
عند النظر إلى مكرر الربحية التاريخي، نجد أن إجمالي صافي أرباح الشركات للأربعة أرباع الأخيرة المنتهية في 31 آذار (مارس) 2007 بلغت قيمته 76.6 مليار ريال مقارنة بقيمة 77.1 مليار ريال عام 2006م كاملا، أي انخفاضا بقيمة 500 مليون ريال تمثل نسبة أقل من 1 في المائة، إلا أنه يجب الإشارة إلى أن مكرر الربحية المستقبلي أكثر أهمية من مكرر الربحية التاريخي بحكم أنه من غير المنطقي قسمة سعر السهم السوقي (الذي يأخذ في اعتباره توقعات مستقبلية) على ربحية السهم التاريخية (التي لا تأخذ في اعتبارها توقعات الأداء المستقبلي)!

على مستوى القطاعات، نجد أن القطاعات الوحيدة التي حققت معدلات نمو سنوي لصافي الأرباح هي قطاعات الصناعة (39 في المائة) والأسمنت (12 في المائة) في حين نجد أن أعلى معدلات النمو الربعي لصافي الأرباح تركزت في قطاعات الخدمات (337 في المائة)، الأسمنت (31 في المائة)، والتأمين (20 في المائة).
على مستوى الشركات، نجد أن أعلى معدلات النمو السنوي لصافي الأرباح تركزت في الكابلات (أكثر من 10،000 في المائة)، أميانتيت (أكثر من 2.300 في المائة)، اتحاد اتصالات (570 في المائة)، المتطورة (239 في المائة) ونماء (182 في المائة)، ما يدل على تركز النمو السنوي للأرباح بشكل واضح في شركات القطاع الصناعي. من حيث النمو الربعي لصافي الأرباح، نجد أن أعلى معدلات النمو تركزت في أميانتيت (أكثر من 61.200 في المائة)، صادرات (363 في المائة)، جازان (106 في المائة)، جرير (88 في المائة)، والنقل البحري (80 في المائة) حيث إنه من الواضح تركز أعلى معدلات النمو الربعي للشركات في قطاع الخدمات.
على الرغم من أن هذه الشركات تمكنت من تحقيق معدلات نمو عالية (سنوية أو ربعية) لصافي الأرباح، إلا أن بعض هذه الشركات لا تزال تعتمد في أرباحها الصافية على مصادر غير تشغيلية، في حين لا يزال البعض الآخر منها يعاني عجزا واضحا في صافي التدقفات النقدية من الأنشطة التشغيلية نتيجة للتوسع في البيع بالأجل.
بشكل عام، استمرارية نمو أرباح الشركات تمثل أهم التحديات التي ستواجه سوقنا المالية خلال هذا العام .. إلا أن السؤال الأهم يبقى دائماً: إلى أين سيتجه مؤشر نمو أرباح الشركات مع نهاية عام 2007؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي