من.. أفسد التعليم؟!

[email protected]

كنّا طلبة صغاراً نتلقف ما نتلقاه بشغف ولهفة، ورزقنا الله على نياتنا التي تواءمت مع زمننا. ذلك الزمن المكتظ بالخير والتسامح وحب الآخر .. فكان معلمونا نعم المعلمين، سواء كانوا من جلدتنا أو من العرب المقيمين بين ظهرانينا.
تعلمنا التربية البدنية على أصولها انطلاقاً من قدرات شخصية لمعلمنا الذي كان رياضياً بحق، لا ساداً فراغ وظيفة، والسبب أن القائمين على التعليم ممن يرسمون مساره، هم من الحصيفين المدركين للحاجات والمتطلبات، وبأدوات بسيطة وبإمكانات ضعيفة، درسنا مادة الرسم أو ما يسمى الآن - التربية الفنية - وتفاعلنا معها، انطلاقاً من أنه ليست هناك عوائق نفسية ولا اجتماعية تعيقنا عن التعلم، ولا حتى مؤثرات سلبية مسيطرة، إضافة إلى أن معلمينا كانوا من الفنانين الحقيقيين .. لا المتكسبين الفارغين كما هم بعض معلمي زمننا الحالي.
وكنًا رغم الإمكانات المحدودة، نعيش تفاعلاً اجتماعياً نموذجياً رائعاً، لكن ما الذي تغير الآن ؟! بلا شك أن الطمع المادي والمخرجات التعليمية هو أبرز المتغيرات التي طرأت على مجتمعنا، فالمهم الوظيفة حتى لو أن شاغلها غير قادر على التمكن منها، المهم المرتب .. إلى جانب أن تعليمنا في كثير منه قد ركن إلى الكم وتخلى عن الكيف، واسالوا الكليات المتوسطة المنتمية إلى وزارة التعليم، تلك التي أضحت تخرّج موظفين .. لا معلمين. لذا فلا غرابة أن تكون قدرات طالب الأمس أفضل من طالب اليوم رغم الإمكانات والثراء وارتفاع المداخيل التي تصب في مصلحة معلم اليوم.
المشكلة في المعلم وتأهيله وسامح الله ذلك المسؤول الذي أشاع لنا الكليات المتوسطة، التي كان هدفها الأساس هو تحسين الوضع الوظيفي للمعلم، لا تأهيله والارتقاء به ! وعمل كل ما في وسعه لإحباط التربية البدنية في المدارس حتى أصبحت على ما هي عليه الآن من تأخر وتخلف ووفق مخرجات لمعلمين لا ترتقي أبدا لكي تكون معينة لجيل من الطلاب.
نعم هناك كثيرون أضروا بالتعليم حتى وصل إلى ما وصل إليه من أولئك الذين بلغ بهم الجهل حتى إنهم رأوا أن التربية الفنية ترف وخروج عن المألوف، والرياضة إفساد ومضيعة للوقت لا تستحق الدعم.
وعليه فلا بأس إن تأخرنا لأن هذين الشأنين المهمين اللذين يرتبطان بالإبداع قد خُذلا تماماً من مسؤولين في التعليم كانوا بقراراتهم وبالاً.. لا.. عوناً.
الآن ومع اتساع المدارك، وفي ظل التوجهات القوية من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لأجل تحسين نوعية التعليم السعودي والارتقاء به، هل نجد الفن والرياضة في المكانين اللائقين بهما كما عهدناهما قبل ربع قرن وأكثر ؟!
نشير إلى ذلك ونحن ندرك أن للقيادة التعليمية الجديرة دورا مهماً في ذلك، ولاسيما وأنها هي المسؤولة عن مخرجات التعليم، كما هي مسؤولة أيضا عن الميزانيات المخصصة، تلك الميزانيات التي قلصت خلال فترة مهمة من حياة هذا البلد بحجة أن مثل ذلك ترف .. ولا يستحق العون والدعم!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي