معوقات الوحدة الاقتصادية الخليجية اليمنية والحلول

[email protected]

لا يمكن لأي إنسان أن يشكك في صدق نوايا القادة الخليجيين في دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك صدق نوايا الحكومة اليمنية، في تحقيق الوحدة الاقتصادية الخليجية اليمنية المنشودة، وبالذات حين النظر والأخذ بعين الاعتبار، العديد من القواسم المشتركة السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، التي تجمع وتربط بين دول مجلس التعاون الخليجي ودولة اليمن، والتي تؤكد جميعها على أهمية وضرورة إيجاد مثل هذا الاتحاد.
لعل من بين أهم وأبرز الأسباب التي تدعو وتحفز وتشجع على الوحدة الاقتصادية الخليجية اليمنية المرتقبة، وفق آراء عدد من المحللين والمراقبين السياسيين والاقتصاديين، الموقع الجغرافي المتميز والمكمل للجزيرة العربية، الذي تحتله اليمن، الذي يعتبر بوابة الجزيرة العربية والخليج العربي نحو إفريقيا، مما يجعل تحقيق مثل تلك الوحدة ينعكس بشكل إيجابي على دول مجلس التعاون الخليجي، بالذات فيما يتعلق بتنشيط الحركة التجارية بين دول المجلس وذلك الجزء من العالم، كما أن ذلك سيساعد بشكل كبير على تحرير التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي، والجمهورية اليمنية، من خلال، على سبيل المثال لا الحصر، الإعفاء الكامل لجميع المنتجات الوطنية للجانبين.
الدكتور عبد العزيز بن حمد العويشق الخبير الاقتصادي ومدير دائرة الدراسات والتكامل الاقتصادي في مجلس دول التعاون الخليجي، أوضح من خلال ورقة عمل له بعنوان "مستقبل الشراكة بين اليمن ومجلس التعاون"، أن مسيرة الشراكة الاقتصادية بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي، قد بدأت خطاها ببداية رسم الخطوط العريضة للتعاون المؤسسي بين اليمن والمجلس في قمة مسقط عام 2001، عندما تمت المطالبة بانضمام الجمهورية اليمنية إلى المؤسسات التابعة لدول مجلس التعاون، التي من بينها، على سبيل المثال، لا الحصر، (1) مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون، (2) مكتب التربية العربي لدول الخليج، (3) مجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية في دول المجلس، وبهدف تفعيل التعاون المؤسسي بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي، نصت المادة الرابعة من اتفاق صنعاء - تشرين الأول (أكتوبر) 2002، بتشكيل مجموعة عمل من الجمهورية اليمنية ومجلس التعاون الخليجي، للنظر في مواءمة برامج الإصلاح الاقتصادي والإداري في الجمهورية اليمنية مع القوانين والنظم في مجلس التعاون، بحيث تقوم الجمهورية اليمنية بموجب المادة الخامسة من الاتفاقية نفسها، بوضع تصور لمشاركة الجمهورية اليمنية في الجوانب الاقتصادية وغيرها، من مجالات التعاون بما يسهم في تعزيز التطور والتنمية والرخاء الاجتماعي، ويعزز الترابط بين شعوب الجزيرة العربية.
على الرغم من الجهود الكبيرة، التي بذلت في الماضي من قبل قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والحكومة اليمنية، بهدف تحقيق الوحدة الاقتصادية المنشودة، إلا أن تلك الوحدة لا تزال تواجه بالعديد من المعوقات والصعوبات، التي تحد من تسارع وتيرتها بالشكل المطلوب، نتيجة لعدم تحقق العديد من المتطلبات، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، (1) عدم تحرير التبادل التجاري بين دول المجلس والجمهورية اليمنية، من خلال الإعفاء الكامل لجميع المنتجات الوطنية للجانبين، وإلغاء كافة القيود الجمركية وغير الجمركية، (2) عدم انضمام الجمهورية اليمنية إلى منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، (3) عدم انضمام اليمن إلى هيئة التقييس لدول مجلس التعاون.
بهدف التعامل مع الصعوبات والمعوقات، التي تواجه مسيرة الوحدة الاقتصادية الخليجية اليمنية، حدد الاجتماع التاريخي المشترك لوزراء الخارجية، الذي عقد في الأول من شهر آذار (مارس) 2006، تشكيل لجنة فنية من وزارات المالية في دول المجلس ووزارة التخطيط والتعاون الدولي في اليمن والأمانة العامة لمجلس التعاون والجهات المالية الدولية، بهدف إعداد الدراسات اللازمة لتحديد الاحتياجات التنموية لليمن، وتحويلها إلى خطة عمل وبرامج إصلاح محددة الأبعاد والمدى الزمني، وفق برنامج زمني استثماري طموح، يغطي الفترة الزمنية من 2006 وحتى 2015، بما في ذلك تحديد الاحتياجات التمويلية لهذه الخطة وحشد الموارد اللازمة لتمويل مخرجات الخطة الخمسية 2006 وحتى 2010، والعشرية للفترة بين 2006 وحتى 2015.
مؤتمر المناحين الشهير الذي عقد في لندن خلال الفترة 15 إلى 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، أسهم بشكل كبير في المحاولة الجادة للتغلب على المعوقات والصعوبات، التي تعترض طريق الوحدة الاقتصادية الخليجية اليمنية، من خلال تحديده لحجم التعهدات المالية لدولة اليمن بأكثر من 4.7 مليار دولار أو ما يعادل أكثر من 86 في المائة من حجم الفجوة التمويلية في اليمن البالغة نحو 5.5 مليار دولار للسنوات 2007 إلى 2010. والجدير بالذكر أن مساهمة دول مجلس التعاون الخليجي بتلك التعهدات، بلغت 2.3 مليار دولار، أو ما يعادل نحو 50 في المائة من إجمالي التعهدات، كما أكد مؤتمر المناحين، على أهمية وضرورة عقد شراكة طويلة المدى بين اليمن والجهات المانحة، بحيث يتم من خلالها، الاتفاق على تمويل مشاريع التنمية في اليمن تحت مظلة مناخ اقتصادي شفاف وإصلاحات اقتصادية جادة، التي تبنتها الحكومة اليمنية وشرعت في تنفيذها.
برأيي أن تحقيق وحدة التكامل الاقتصادي المنشود بين اليمن ودول مجلس التعاون، يتطلب وضع خطة واقعية، ورسم استراتيجية خليجية واضحة المعالم، بحيث تكون قادرة على تقليل الفارق والفجوة التنموية بين الاقتصاد الخليجي والاقتصاد اليمني، بما في ذلك تضييق الفارق بين معدلات النمو، الأمر الذي بدوره يفرض الحاجة، وفق ما ورد في ورقة عمل الدكتور العويشيق، تبني مجلس التعاون لسياسات تدعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن، وتعمل في الوقت نفسه، على تقديم المساعدات في مجال البنية التحتية (الطرق والكهرباء والموانئ)، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار، وكذلك تشجيع اندماج الاقتصاد اليمني في اقتصاد دول المجلس، بالإضافة إلى العمل على انضمام اليمن تدريجياً إلى مؤسسات مجلس التعاون، وبالله التوفيق.

مستشار وخبير مصرفي
الرئيس التنفيذي لشركة اتحاد الأصول للتنمية والاستثمار

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي