إلى زميلي اللبناني .. لهذا تُضرب الزوجة؟!

[email protected]

جمعتني الرحلة المغادرة من الرياض إلى دبي خلال الأسبوع الماضي بمجاور لي في المقعد- لبناني مسيحي- وهو مثقف مطلع، كان الحديث معه ودياً وعباراته جميلة، يتحدث عن الإسلام بفهم عميق ورؤية حسنة، ويبدي إعجابه بما أمر به القرآن الكريم ووجهت به السنة النبوية، إلا أنه توقف فجأة ليقول لي بلهجته اللبنانية الجميلة : "هناك شغله مش آدر استوعبها ".. مشيراً إلى أن هناك توجيهاً دينياً بضرب الزوجة يجعله يحتار كثيراً بين المفاهيم العظيمة لهذا الدين وبين هذا التوجيه، ويضيف أيضا أن هناك من بين الخليجيين واللبنانيين من يؤكد أنه سيضرب زوجته إذا ما اضطر إلى ذلك !!.
من جهتي يا زميل الرحلة فلست عالماً بالتشريعات، ولا حتى متخصصاً اجتماعياً في شأن المرأة "ما لها وما عليها".. لكن ما أفهمه وأدركه أن الإسلام قد قدر المرأة كل قدرها، وما يخص الضرب المذكور فهو وفق أشياء حددها المشرع !. الآية .. "واللاتي تَخافون نشوزَهُنَّ فَعِظُوهن واهْجُروهُنَّ في المضاجع واضْرِبُوهُنّ فإِن أَطعنَكُم فلا تَبْغوا عَلَيْهِنّ سبيلاً إنّ الله كانَ عَلِياً كَبيرا" [النساء الآية: 34].
وهو ضرب عادةً ما يكون سببه نشوزها وإهمالها لبيتها وأولادها، وبخاصة للزوجة الشرسة سيئة الأخلاق، وهو ضرب ذكر العلماء أنه تأديب وترويض، وبقدر الحاجة وبمقدار الفائدة، وشرط الإسلام على الزوج شرطا مهما في ذلك بألا يكون بعصا أو سوط، بل بسواك أو نحوه بحيث لا يكون الضرب شاقاً أو شديداً. وأن يتجنب في ضربها الوجه والأعضاء الحساسة وأن يكون الزوج عند التأديب، ضابطاً أعصابه، كافاً لسانه عن بذيء الكلام والألفاظ النابية .
والأهم من ذلك أيها الزميل أن الرسول الكريم محمد بن عبد الله قد كان مرجعاً في الحكمة والرحمة فهو قد نهى عن ضرب النساء في أحاديث كثيرة، أذكر منها اثنين فقط، ففي حديث رواه أبو داود والنسائي قال صلى الله عليه وسلم: «لا تضربوا إماء الله»، وقال في حديث آخر: "لا يضربهن خياركم"،(يقصد النساء)، وفي الحديث الأخير أن من يضرب النساء ولأي سبب، ليس من أفضل الناس وليس من خيارهم، بل من أقلهم شأناً، وفي ذلك معنى عظيما للنهي .
أيها الزميل لم يكن الإسلام حاثاً على الشقاق والتعدي والتسلط بل نبراساً للتسامح والتكافل، والتحاب ..
أما حديثك أيها الزميل عن أن هناك من يشير إلى أنه سيضربها، متى ما احتاج إلى ذلك "حسب رأيه" فالمشكلة أيها الصديق هي خاصة وليست عامة، حيث إن ضرب النساء قد تنامى حالياً بين الشباب سواء كان خليجياً أو لبنانياً بسبب أن نمط الحياة قد تغير مع ضغوط الحياة وتسارعها، حتى إن دراسات كثيرة تشير إلى ذلك ووفق أسباب تكون تافهة في معظم الأحيان، كما ذكر إخصائيون اجتماعيون عن أن شباب هذه الأيام من الممكن أن يضرب أحدهم زوجته إذا ما تأخرت في إعداد الطعام أو في العودة من السوق.. وهو يشير أيضا إلى أن الفئات العمرية الأكبر من سن الثلاثين، وما فوق تميل إلى الهدوء والتعايش، وقليلاً ما يحدث خلالها اعتداء أحد الزوجين على الآخر بالضرب.
إذاً أيها الزميل فإن ظاهرة ضرب الزوجات المنتشرة حالياً اجتماعية ولا دخل للدين فيها، ويعاني منها العربي والأوربي وحتى من هم في أستراليا والأمريكتين.. هل فهمت يازميل الرحلة .. اللهم.. هل بلغت ؟ .. اللهم فاشهد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي