من ينقذهم من "لي"الشيشة؟!
قادتني المصادفة للدخول في إحدى ما يسمى "الاستراحات" التابعة لمحطات النفط خارج العاصمة الرياض، كان منظراً مهولاً وأنا أشاهد سحب الدخان تغطي المكان، سحب ترتفع فوق رؤوس شباب يتزاحم على مقاعد بالية، وكل منهم "يمص" أنبوباً ينتهي بزجاجة. الزجاجة تحمل ماسورة، والأخيرة في أعلاها خليط من التمباك أو الفواكه الفاسدة يغلي من لهب الجمر.
ومع الألم الناتج من سوء المنظر ومن فرط القذارة التي عليها المحل، كانت المصيبة أن الأكثرية ممن هم في عمر الزهور، منهم من انشغل بالتلفزيون، وآخر بالهواجس، وثالث بالحديث الذي لا يخلو من البحث عن لفت الأنظار، ومع اختلاف نظراتهم إلا أنهم قد اتفقوا على مص ذلك الأنبوب!!. فضول الصحافي لم يدعني أخرج دون استفسارات لأتبين أن معدل كل شخص موجود، ما بين ثلاثة وستة رؤوس معسل أو جراك، والكمية تتضاعف ليلتي الخميس والجمعة !! .
نقلت ألمي معي ، ومن ثم نقلته إلى زميل وهو طبيب مختص في الأمراض الصدرية ، وأشار إلى أن ما شاهدته هو غيض من فيض لأن الاستراحات الخاصة وكذلك كثيراً من المنازل، مليئة بالشيش وكل ما من شأنه إتلاف الصدور .
لكن كانت الإجابة التي نزلت عليّ كالصاعقة في السؤال التالي: مم تصنع مكونات "المعسل والجراك" ؟، يقول زميلي المختص : الأساس في تصنيعها يأتي من الفواكه التالفة الفاسدة، حيث إن تلف كثير منها يجعل تقديمها للحيوانات أمراً فيه من الخطورة الشيء الكثير ، ولذا لا تسمح الدول باستخدامها ، فيعاد تصنيعها وفق معالجات كيماوية لكي يسهل احتراقها مع إضافة مواد تنتمي للتمباك، وتصدر للشرق الأوسط ليسعد أهل هذه المنطقة بجلسات هنيئة مريئة!!.
ومن جراء ذلك فإن كمية النيكوتين التي تنجم عن رأس معسل توازي تدخين علبة سجائر كاملة .. هذا ما يقوله زميلي ، لكن مدير منظمة الصحة العالمية "السعودي " الدكتور حسين الجزائري يقول وفق تصريح موثق له: إن تدخين الشيشة فيه كل مسببات السرطان الناجمة عن تدخين السجائر ، بل يزيد بإضافة أحادي أكسيد الكربون الخطر جداً ، إلى جانب مجموعة خطرة من مسببات السرطان التي تنجم عن استخدام الفحم في الشيشة.
ويضيف الجزائري: إن مخاطر الشيشة لا تقتصر على مثل ذلك، بل استقبال الأمراض كالسل والالتهابات الكبدية الوبائية نتيجة تعاقب الأفواه على إناء واحد!!. وماذا بعد من مآسي هذه الآفة، وكيف نحمي شبابنا من مخاطرها؟.. السؤال الأهم: لماذا تقف مؤسساتنا الرقابية والصحية كالمتفرج الذي لا يعنيه الأمر رغم فداحته؟.. هل نحتاج إلى حملة وطنية لمكافحة المعسل والجراك؟.. مع كل ذلك نحتاج إلى وقفة صادقة مع أنفسنا لأجل إنقاذ شبابنا وشاباتنا من هذه الآفة القاتلة ، ولا عزاء لوزارتي الصحة والتجارة!!.