الأهم في خطبة الجمعة!

[email protected]

قادتني الخطى لحضور خطبة الجمعة في أحد الأحياء في العاصمة الرياض، وبلا شك كان الجامع من الفخامة والسعة بحيث جعلني أتوقع أن عدد المصلين قد بلغ نحو ألفي مصل.
جلست في هذا الجامع الكبير والجميل وكلي أمل أن أجد في خطبتي الجمعة ما يفيدني في ديني ودنياي، وكأني قد ربطت بين فخامة المسجد وما سيقوله الخطيب.
عموماً.. فقد كان الخطيب ذا حضور لغوي لافت ونبرة صوت قوية وعذبة، المسجد مكتظ، والناس متطلعون.. لكن كيف كان الفحوى؟ كل ما في الأمر تفاصيل أقل ما نقول عنها إنها صغيرة، ويتلقاها التلميذ من خلال المرحلة الابتدائية، وفي العموم هي تفاصيل يدركها الجميع وفي تكرارها إعادةً لما لا يحتاجون إلى إعادته، فالطفل الصغير الذي كان بجانبي يدرك عقاب تارك الصلاة، وإلا لما أتى إلى الجامع ليصلي، والكهل الذي أمامي يعلم فضل الصلاة في وقتها، وكل من حولي يدرك فضل الخشوع، كل ذلك جعلني أتساءل عن خطبة الجمعة وما الذي نحتاج إليه من خطيبها؟! هل نحتاج إلى مثل تلك التفاصيل التي يدركها الصغير والكبير، أم ما نحتاج إليه هو خطاب يساعدنا على فهم أمور نعايشها.. وبما يتواءم مع زمننا الحالي؟!
حزنت على هذا العدد الكبير الذي كان حاضراً منتظراً ما يساعده على فهم أمور تصعب عليه، رغم أني وفي هذا المقام لا أتكبر على الخطيب، فهو مجتهد، لكن هل تلك الجموع كانت محتاجة إلى ذلك الاجتهاد، أم أن هناك أموراً أكبر ومفاهيم أعمق كانت المطلب!
هذا الأمر أعادني لتذكر خطبة حضرتها في إحدى الدول الخليجية المجاورة، ومن خلال أحد الجوامع الكبيرة هناك، وأشد ما أعجبني من الخطيب وهو يتحدث في خطبته عن الزنا من منظور اجتماعي وصحي وديني، وكان يركز على الشأن الصحي وفق قالب لغوي يجمله بأحاديث نبوية واستدلالات قوية، هو تحدث عن أمر يهم الجميع ويتمنون الاستزادة من حديثه، وبما جعلني أتمنى أن تعمم هذه الخطبة على كل جوامعنا، لما فيها من توجيه رباني وهدي نبوي وثقافة اجتماعية وتوعية صحية بأسلوب متكامل، تعمم كي تنتشر فائدتها، وحسبي أن مثل ذلك جانب مما يحتاج إليه المجتمع من الخطيب، فلا بأس إن خاض في شأن صحي يعاني منه المجتمع، أو عادات سيئة يريد خلاص المجتمع منها وفق أسلوب لا يتخلى من خلاله عن المثل الإسلامية العالية القيمة، وربطها بكل ما هو سبيل لخدمة الموضوع.
الخلاصة، إن خطبة الجمعة يجب أن تتواءم مع حاجة المجتمع .. فليس من المقبول أن يتحدث الخطيب عن شؤون يدركها ويفهمها الجميع ويغفل عما هم بحاجة إليه ويمس حياتهم الآنية.. نتمنى أن تكون وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مدركة لهذا الجانب المهم ، لأن خطيب الجامع من المؤثرين في الحياة الاجتماعية، ومتى ما همشنا دوره من خلال تركه وعدم توجيهه أو حتى بتوخي اختيار القادرين على منح الفائدة ، فإننا سنفقد منبراً مهماً في التوعية والإرشاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي