"يا شاري الدون بدون تحسبك غابن وأنت مغبون"

[email protected]

لو أن أحدنا قام بجولة ميدانية واستهلها بالبقالة الصغيرة المجاورة لمنزله مروراً بمحلات (أبو ريالين) ومتاجر الأواني المنزلية والأجهزة الكهربائية والأدوات الصحية ومن ثم محلات المواد الغذائية والمراكز التجارية الكبرى وانتهاء بمحلات قطع غيار السيارات. فإنه سيرى العجب العجاب وسيصاب بما يشبه انفصام الشخصية جراء تعدد أنواع السلع وتشابهها واختلاف أسعارها. فمثلاً ستجد الساعة التي تحمل علامة تجارية عالمية معروفة بمبلغ لا يقل عن 30 ألف ريال في أحد المحلات وعلى بعد مسافة لا تتجاوز خمسة أمتار سيجد الساعة ذاتها بشحمها ولحمها بقيمة لا تتجاوز 300 ريال.
أما بالنسبة لما يسمى بمحلات أبو ريالين وأبو ريال أو من ريال وحتى عشرة فإنك ستدهش حتماً جراء ما يعرض في هذا النوع من المتاجر فكل ما يخطر على البال موجود هنا ابتداء من الأجهزة الكهربائية والأواني المنزلية والساعات والأقلام والملابس والمستلزمات المدرسية وحتى الأدوية والعطور ومستحضرات التجميل... إلخ من السلع التي تحمل أسماء علامات تجارية عالمية مشهورة وهي في الواقع مقلدة – هذه السلع التي تسرح وتمرح في تلك المتاجر دون حسيب أو رقيب.
قبل أيام تداولت الأوساط الإعلامية السعودية تقريرا خطيرا خلاصته أن السلع المقلدة تكبد الاقتصاد الوطني عشرة مليارات ريال سنوياً ، حقاً إنه رقم مخيف وأعتقد أنه رقم متحفظ بالنظر إلى الحجم الهائل للسلع المقلدة الوافدة إلى بلادنا.
المسؤولية هنا تقع على عدد من الجهات التي ينبغي لها أن تتحرك وعلى وجه السرعة لإيقاف هذا الهدر الذي يكلف الاقتصاد الوطني أرقاماً فلكية. فضلاً عن الأضرار الصحية والبيئية الناجمة عن استيراد سلع مقلدة ومغشوشة. أنا لا ألوم المواطن صاحب الدخل المتواضع فهو عندما يذهب ليتسوق وتدلف قدماه إلى محلات ما يسمى (أبو ريالين) أو حتى خمسة أو عشرة، سيجد نفسه أمام إغراء لا يقاوم وبالتالي هو مجبر على التبضع من هذه السلع الرديئة الملائمة لدخله المتدني. ولكن اللائمة هنا تقع على الجهات التي سمحت لمستوردي هذه السلع ليدخلوها إلى البلاد دون وازع من ضمير أو تحملاً للمسؤولية. هناك من يقول إن الكثير من الأواني المنزلية كالأطباق مثلاً تصنع من مواد مسرطنة وهذه المواد تتحلل حينما تستخدم لتقديم المأكولات أو المشروبات الساخنة. ومن ثم يتعرض من يستخدمها للأصابة بالسرطان ـ لا سمح الله. هذا مثال واحد وإلا القائمة تطول ، وما خفي كان أعظم ولست بحاجة للحديث عن تزايد أعداد حالات الإصابة بالسرطان في المملكة، حيث إن التقارير الصادرة عن المستشفيات تؤكد أنها في ارتفاع مستمر، بل إن الوفيات جراء هذا المرض أصبحت تنافس رفيقة دربها (حوادث السيارات) وقانا الله وإياكم منها جميعاً.
كم أتمنى أن تتحرى الجهات المعنية حفاظاً على صحة المواطنين، وإيقافاً لهذا الهدر الاقتصادي الهائل. فنحن ينطبق علينا المثل الشعبي الذي يقول (يا شاري الدون بدون تحسبك غابن وأنت مغبون). والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي