تقنيات جديدة تقلل من مشكلات التقاط البصمة
سبق أن تحدثنا عن بصمة الإصبع وأنها جزء ضئيل من معجزات الخالق التي اختص بها هذا المخلوق العظيم (ابن آدم). ذكرنا أن العقل له دور كبير في اكتشاف بعض من هذه المعجزات العظيمة. وحيث إن لكل إنسان بصمة تختلف عن الآخر, فقد أصبح من السهل التعرف على الشخص عن طريق بصمته. كذلك سهلت عملية التحقيقات الجنائية وذلك بتحديد هوية المجرمين.
كان محور الحديث في المقال السابق عن الطرق المختلفة لأخذ البصمة وتعريف مبسط عن المشكلات التي سوف نواجهها عند التقاط البصمة. تطرقنا كذلك إلى شرح الطرق المختلفة لطباعة بصمة الإصبع.
بما أن البصمة أصبحت في الغالب هي المعتمدة في معظم التطبيقات الأمنية, فإن لها مشكلات عديدة يجب طرحها من باب الفائدة للمختصين ومن يعمل في هذا الحقل, إضافة إلى أنها تفتح آفاقا جديدة للبحث وتساعد الشخص العادي لمعرفة هذا العلم ومبادئه.
فيما يلي سنستعرض (وبشيء من التفصيل) مشكلات جمع (التقاط) بصمات الإصبع، حيث إن هناك أربعة مشاكل رئيسية في تقنية طباعة بصمة الإصبع:
المشكلة الأولى (الالتحام المتضارب)
معظم عمليات جمع بصمات الأصابع تتطلب الالتصاق أو الالتحام الكامل مع سطح الماسح, وعادة ما يكون صفيحة من الزجاج أو أي مادة حساسة أخرى. هناك ثلاثة أبعاد لبصمة الإصبع عند وضعها على سطح الماسح، ولكنها تُنسخ إلى بُعدين من خلال سطح الماسح. كذلك التشويش الحاصل عن طريق تمدد سطح الجلد الناشئ عن الضغط على الماسح، هذا التمدد يسبب اختلاف بسيط في الأبعاد بين تقاسيم بصمة الإصبع. ففي معظم الحالات لا يمكن التقاط البصمة نفسها للشخص نفسه, حيث إنه سيكون هناك اختلاف في الضغط على البصمة في كل مرة يتم نسخها, وهذا يسبب اختلافات بسيطة في النتائج على صور البصمة الملتقطة في أوقات متفرقة.
المشكلة الثانية (الالتحام غير المنتظم)
الالتحام غير المنتظم لبصمة الإصبع ينشأ نتيجة لعدم انتظام سطح بصمة الإصبع. وبالنسبة لأجهزة النسخ للبصمة فمن الضروري لكل البصمة أن تكون ملتصقة بشكل كامل مع سطح الماسح. لكن النتوئات البالية أو المتسخة لبصمة الإصبع قد لا تلتصق بسطح الماسح، وأيضا هناك عدة عوامل قد تتعارض مثل الطين أو الشحم أو الحلوى وبعض أمراض الجلد.
المشكلة الثالثة (الاتصال غير البارز)
الاتصال غير البارز يشكل مشكلة بالنسبة لأنظمة مسح بصمات الأصابع Fingerprint Scanners. وهذا يظهر عندما تختلف الصورة المنسوخة من مرة إلى أخرى. وعادة يحصل عندما تتعرض بصمة الإصبع إلى إصابة أو جرح حتى ولو كان بسيطا. الجروح أو الحروق أو المواد الكيماوية قد تسبب تغيرا في تشكيل صورة بصمة الإصبع. وهذه التغيرات تسبب مشاكل في التعرف على بصمات الأصابع. عند التعامل مع الحساسات الإلكترونية والماسحات الرقمية في معظم الأحيان تؤخذ صورة مختلفة في كل مرة تنسخ فيها بصمة الإصبع. معظم أسطح الماسحات غير كافية لاحتواء بصمة الإصبع كاملة, ونتيجة لذلك فإن جزءا من بصمة الإصبع قد لا يتم نسخه. وبنسخ أجزاء مختلفة من البصمة في كل مرة, فإن مجموعة إضافية من نقاط التحديد تتم إضافتها، وبعض النقاط القديمة يتم مسحها. وهذا الاختلاف من مرة إلى مرة سوف يسبب مشكلة في عملية تحديد الهوية.
المشكلة الرابعة (التشويش أثناء عملية التصوير)
هذا التشويش قد ينشأ نتيجة لوجود المجالات الكهرومغناطيسية، والإضاءة المحيطة الزائدة أو الشوائب في أجهزة النسخ. أيضا, قد يكون هناك شوائب متبقية على سطح الناسخ من بصمة أصبع سابقة. فقد يسبب تشوها في شكل البصمة وغالباً ما تكون هذه الشوائب مادة زيتية. وفي كل مرة تزداد المادة الزيتية والشوائب تؤدي إلى تشوه في البصمة.
في جميع الطرق السابقة التي ناقشناها يمكن التقاطها عن طريق التصوير المباشر، وهذا يعني أن صورة البصمة يأخذها الجهاز من إصبع الفرد مباشرة، وهذه التقنية تأخذ صورة لمساحة صغيرة من سطح الإصبع مقارنة بالطرق الأخرى مثل الحبر، ولكنها أسرع ولا تبقي آثارا جانبية مثل بقاء الحبر على الإصبع. أكثر التقنيات شيوعاً تسمى (الانعكاس الداخلي الكلي المحبط) frustrated total internal reflection. تصميم هذا الجهاز يشتمل على منشور أو اسطوانة زجاجية ومصدر للضوء ومستقبل للضوء وهي تعمل حسب بعض المبادئ الأساسية للبصريات.
عندما تضع إصبعك على الأسطوانة الزجاجية تكون المناطق البارزة في البصمة ملامسة للزجاج بينما المناطق الغائرة تكون بعيدة. إذا كان سطح البصمة مستويا فإن الضوء الساقط بزاوية معينة ينعكس على المستقبلات، وعندما يسقط الضوء على الزجاج في المناطق البارزة يتحلل فلا يرجع إلى المستقبلات ويظهر مكانها أسود.
من مزايا هذه الطريقة أنها رخيصة وقادرة على إعطاء صورة جيدة نسبيا، ولكن يعيبها أنها حساسة جدا للضوء المحيط ولذلك إذا كانت في مكان عالي الإضاءة فإن الصورة لا تعطي نتائج مقبولة لأن الضوء المحيط يؤثر على المستقبلات إضافة إلى كونها تعاني من قلة التمايز بين المناطق البارزة والغائرة، ويمكن للصورة أن تكون عالية الإضاءة مما يؤدي إلى صعوبة تحليلها ومعالجتها، لأنه في العديد من الحالات تحتاج أجهزة المعالجة إلى تقليل الإضاءة في الصورة لاستخراج ميزة دقيقة تميز بصمة الشخص عن غيره.
في المقال المقبل (بإذن الله) سوف نناقش بشيء من التفصيل أنواع أخرى من أجهزة الكشف البصرية الصغيرة التي يمكن استعمالها عند الانتقال من مكان إلى آخر.