طوروا الهجر والقرى وأعيدوا لها أبناءها
الهجرة العكسية جعلت المدن الكبرى تكتظ بأبناء القرى والهجر المجاورة طلباً للعلم والعمل مما يشكل لهم هما فوق الهم.
فلن يكابر أي "مقيم" قادم من خارج الوطن أن الغلاء المعيشي في المدن الكبرى، خاصة والمملكة عامة يفوق دخله مهما كبر ومن هنا لا يمكن لهذا الوافد أن يستطيع العيش بسلام مع توفير بعض الدخل لإرساله لعائلته في بلاده، ناهيك عن ذلك الوافد الذي ترافقه عائلته فسوف يصرف كل هللة على معيشته وتعليم أبناءه وعلاجهم وخلافه من المصروفات الكمالية لأي أسرة.
فكما أن الوافد لا يمكن له أن يكابر ويقول "بل أستطيع التوفير" وتأمين أبسط عوامل الحياة لي ولأسرتي إلا إذا كان هناك دخل آخر "نظامي أو العكس"، فمن خلال هذا الواقع الذي يسري أيضاً على الوطن "الوافدين" من القرى والهجر عندما يفدون للمدن الكبرى يبحثون بين جنباتها عن مصادر العلم والعمل ترافقهم في عملية البحث هذه "العائلة"، التي تعود غالبيتها للمكان نفسه فعندما تترك هذه الأسر الصغيرة والكبيرة مواطن ولادتها ومواقع أهلها ومسقط رؤوسها تلاقي ما يلاقيه "الإخوة الوافدون" من خارج الوطن وربما حال الوافد أحسن من حالهم بمراحل، وهذا واقع لا يمكن أيضاً لأي "مهاجر" أن ينكره.
فغلاء المدن وعدم توافر السكن المناسب والراتب المناسب والوظائف المناسبة التي سبقه عليها الإخوة الوافدون؟ سيغرق هذا المواطن في "ديون" لها أول وليس لها آخر مع مطالبات قاهرة من الأسرة المرافقة بتوفير أبسط عوامل الحياة الكريمة وأهمها "السكن"، ناهيك عن مطالبات العائلة الأم والقبيلة وغيرها من المؤملين أن يكون هذا "المهاجر" مدخلهم الأول لحياة جديدة ترفع عنهم ضغوط الفقر والعوز والعلاج وأمور أخرى لا يعرفها إلا من "اصطلى بنيرانها". ومن هنا نأمل أن تعالج هذه الأمور بكثير من الحلول السريعة والنهائية التي تكمن أولاً وآخراً في تطوير هذه "القرى والهجر" وتزويدها بكافة الاحتياجات الأساسية مثل فتح فروع لكافة الدوائر الحكومية مع فتح كل مراحل التعليم الخاص بالمراحل كلها، إضافة لتنمية اقتصادا ت هذه المناطق من كل النواحي الزراعية، الصناعية، والحرفية وما إلى ذلك من قنوات تستوعب الكم الهائل "للخريجين من الجنسيين"، ومن ثم منح أبناءها منحا سكنية وزراعية واقتصادية، مع توفير صناديق الإقراض المناسبة لها. حتماً ولا بد سيعود أبناء هذه المناطق "لديار أباءهم وأجدادهم"، حيث يملكون في هذه المناطق "أملاكهم الخاصة" وأملاك آبناءهم وأحفادهم فمع توافر كل هذه العوامل ستقف هذه الهجرة العكسية التي جعلت المدن الكبرى مكتظة وغير مستوعبة سكنياً وخدمياً وعملياً وطبياً أبناؤها الأصليين وكل الوافدين لها من "داخل الوطن وخارجه"، إنها آليات تكفل حل مشكلة الوطن الكبرى، التي تكمن في استحالة حلها إلا بفتح قنوات عمل كافية مع توفير حياة كريمة تليق بأبناء هذا الوطن الكبير، الذي يملك الثروة البشرية التي لم تتمتع بالثروة المالية، حيث تذهب غالبيتها إلى الخارج حينا، وللوافد الأجنبي حينا آخر، ولخطط عقيمة شارك فيها "بعض المستشارين"، ومن يقود "استراتيجية المؤتمرات"، التي تعقد وتفرز كل الحلول اللائقة للآخرين ويستخدمها "المتربصون" بمواردنا المالية لتصميم الطرق والآليات الجادة لاستحلابها.
وبالمناسبة أن بين دفات الوطن هذه الأيام بالذات "تجري" فعاليات منتديات كثيرة، أحدها "منتدى جدة الاقتصادي الثامن"، الذي لم يحرك ساكناً طوال تاريخه لتقديم ورقة واحدة تعالج أحد معوقات التطوير الاقتصادي الوطني، ناهيك عما أصاب اقتصادنا الوطني من جراء خسائر الأسهم وشركات المساهمات العامة وأمور وهموم أخرى، كان حريا "بمن نصب نفسه" لإدارة وإقامة هذه "السيول المنهمرة" من المنتديات أن يبادر بإقامة منتديات تعالج أمراض اقتصادنا بكل شفافية ونزاهة، خاصة ونحن نرحب بكل سعادة بقرار مجلس الوزراء الموقر، الذي أمر بإنشاء "هيئة لمحاربة الفساد". مرحبا بالإصلاح الذي يقوده الملك الصالح وحكومته الرشيدة ـ ولكن!!
خاتمة: إذا في بيتنا بق نحن به أحق!!.