خالي كوهين
أسدل الستار الأسبوع الماضي على قضية طالما شغلت الرأي العام والمجتمع في وطننا وهي ما أطلق عليها اسم قضية (طليقة النسب) فقد أوضح الأخ غير الشقيق لطليقة النسب ووفق ما نشرته جريدة "عكاظ" الأسبوع الماضي بتاريخ 27/1/2007م “ أن محكمة الاستئناف في الرياض أبلغته بذلك وطلبت منه تسلم نسخة من قرارها من محكمة الجوف، مشيراً إلى أنه سيتوجه إلى المنطقة الشرقية لتسليم محكمة الدمام الشرعية نسخة من حكم التمييز للنظر في قضية الخلوة غير الشرعية المرفوعة ضد الزوجين منصور وفاطمة !" ويؤكد هذا القرار حكم القاضي الذي صدر بفسخ عقد نكاح المدعى عليه (الزوج منصور) من المرأة (الزوجة فاطمة) وعليها العدة الشرعية حسب حالها من تاريخ الحكم ويشمل هذا الحكم التنفيذ المعجل بحيث يفارق المدعى عليه المرأة “.
قرأت الخبر وأنا أعتصر من الألم فالزوجة التي قالت للقاضي "إنني أعيش مع زوج صالح في حياة سعيدة ومستقرة وأريد الاستمرار في هذه الحياة " ما زالت في السجن (الإصلاحية) مع طفلها الرضيع وذلك بعد أن سلمت طفلتها الأخرى لوالدها أخيراً بعد أن تجاوزت السن التي يسمح فيها للأطفال البقاء داخل السجن، والزوج يتنقل من مدينة إلى أخرى يبحث عن حل يعيد إليه زوجته بعد أن حكم القاضي بالتفريق بينهما بعد عدة سنوات من زواج شرعي تم بموافقة ولي الأمر وأنجبا خلالها طفلين وهما يعيشان حياة سعيدة ومع ذلك يأبى الأخ غير الشقيق أن تستمر هذه الحياة الجميلة بدعوى عدم كفاءة النسب ويحكم القاضي بتأييد ذلك ويأمر بالتفريق بينهما.
لا أصدق ما يجري، هل نحن في القرن الحادي والعشرين أم أننا في عصر جاهلي، أم نحن في إحدى الغابات أو الأدغال الإفريقية، التي تحكمها أنظمة غريبة لا أصل لها، إن ديننا دين الرحمة دين العطف والحنان، دين العدل والإحسان، دين المحبة والسلام، دين المساواة فكلنا لآدم وآدم من تراب ولا فرق لعربي على عجمي إلا بالتقوى، فما علاقة التقوى بالقبيلة؟ أين نحن من أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لفاطمة بنت قيس، رضي الله عنها، أن تنكح مولاه أسامة بن زيد، رضي الله عنه، وأين نحن من زواج سيدنا بلال بن رباح، رضي الله عنه، من أخت عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، بل إن ديننا أباح لنا أن نتزوج من النصرانية واليهودية وإن جاء الأبناء فقد يكون خالهم كوهين أو تكون خالتهم مارغريت فكيف برجل مسلم تشهد له زوجته المسلمة بالاستقامة أن يدعى عليه بعدم كفاءة النسب فيحكم القاضي بالتفريق بينهما وتؤكد ذلك محكمة التمييز.
لقد أكد محامي الدفاع أنه يعتقد أن هذا الحكم يخالف مبادئ الشريعة وقواعد العدالة، مشيراً إلى أن الحكم استند بشكل أساسي إلى العرف دون الالتفات إلى النصوص الشرعية القطعية التي تحكم محل الخصومة، مبيناً أن العرف إنما يستند إليه في ظل غياب النص الشرعي والقانوني أما إذا توافر النص الشرعي فلا يمكن الاعتداد بالعرف مهما كانت قوته، كما أشار إلى أن العرف المعتبر يجب أن يكون عرفاً صحيحاً غير مصادم لنص قطعي كما هو الحال في ذلك الحكم.
إنها قضية خطيرة للغاية وأمر عظيم يجب على المسؤولين أن يقفوا عنده فإذا أخذت بهذه الأعراف في المؤسسات القضائية وتركت النصوص المثبتة فإن أثر ذلك سيتعدى التفريق بين الزوج والزوجة وسيعمد الكثيرون إلى استغلال هذا الموقف لأغراض مختلفة مما قد يؤثر في كيان المجتمع وتماسكه بل والانتماء لهذه الأرض الطاهرة، كما أن من شأن هذا الحكم أن يفتح الباب للحاقدين أن يلمزوا ويعيبوا في ديننا الحنيف وهو بريء من ذلك وأن ينقلوا مثل هذه القضية إلى المحافل الدولية لعرضها على العالم لتشويه سمعة هذا الوطن الكريم ونحن في غنى عن ذلك.