حان وقت كشف معلومات الصندوق الأسود لتداول الأسهم
لن ندخل في النوايا وسوف نتحدث عن الواقع، إن ما أعلنه المستثمر الوليد بن طلال من ضخ نحو خمسة مليارات ريال في سوق الأسهم السعودية وتحديده للأسهم المستثمر فيها حيث ذكر أن 5 في المائة ذهبت لأسهم مجموعة سامبا المالية و10 في المائة لشركة التصنيع الأهلية وزيادة حصته في شركة صافولا لتصبح 13 في المائة وفي شركة الأبحاث والتسويق بنسبة 25 في المائة، إضافة إلى عدد من المساهمة في الاكتتابات الأولية الخاصة والتي سوف تطرح للسوق قريباً. هذا ما ذكره البيان الصادر عن "المملكة القابضة" والمؤتمر الصحافي للأمير الوليد بن طلال، إن هو إلا بداية أعتقد أنها سوف تحسب لـ "المملكة القابضة" ولمالكها الأمير الوليد بن طلال، وهي اللاعب الدولي المهم والذي لا يشق له غبار.
وكنت أتمنى رغم أن الخطوة التي ذكرتها مجموعة المملكة القابضة تعتبر متقدمة محليا ولكنها بالنسبة للمجموعة والتي كما ذكرنا تعتبر لاعبا عالميا في الأسواق العالمية هي من متطلبات الاستثمار في الأسواق العالمية التي تنوي الدخول فيها. أقول رغم أن الخطوة تعتبر متقدمة لدينا إلا أني كنت أتمني أن تكون "المملكة القابضة" نفذتها بالطريقة نفسها التي تفعلها في الأسواق العالمية. ولكن البداية مشجعة وعلينا تشجيعها بكل حماسة؟
ما أقدمت عليه "المملكة القابضة" من التصريح العلني عن الأموال التي ضختها في سوق الأسهم في مبادرة جديدة وجيدة. كما أن ذكرها نسب التملك في الشركات المستهدفة هي خطوة أكثر من ممتازة للسوق السعودية. والتي تعني للمستثمر العادي البسيط معنى معينا وهي الثقة في الشركة عندما يكون مستثمر في حجم المملكة القابضة أو مالكها في طليعة المستثمرين، كما تعنى أن هناك خططا مستقبلية لم يشاهدها أو لم يفهمها ولكن ما دام أن هناك شركة بحجم المملكة القابضة دخلت في تلك الشركة فإن ذلك يعنى أن المستقبل واعد للشركة. وهذا ما يحدث في الأسواق العالمية فالتحليل والقراءة تأتي من المستثمرين في الشركات وليس من المطبلين في فرقة حسب الله، الدفع حسب عدد الكلمات و"الحسابة تحسب"، وكان الإعلام وهو القناة والوسيلة لتلك الفرق.
وهذا هو ما كنا باستمرار نقوله ونحذر منه بأن ليس على المستثمر العادي المعرفة الكاملة، ولكن إذا لم يستطع أن يعرف الحد الأدنى المطلوب للاستثمار المباشر فإن عليه ألا يجازف ولا يغامر ولا يقامر، وإن فعل فلا تلوم إلا نفسك. وهو ما كان وسيلة ممتازة للمستفيدين من تدني مستوى الثقافة الاستثمارية للمستثمرين العادين باستغلالهم كأفضل حطب يمكن أن يستخدم لنار تدفئتهم بالمليارات التي كسبوها على ظهور البسطاء والذين عليهم من الذنب نصيب كبير. فمن يسلم رقبته للمجرمين فعليه أن يتوقع أن يقطعوها.
وعودة على ما كشفته المملكة والإيجابيات التي يمكن أن تجنيها السوق السعودية وبالذات في هذا المستوى من التدني في القيم السوقية للشركات، فإن الوقت حان بمعنى الكلمة لتبني سياسة جديدة من قبل إدارة تداول، المسؤولة عن حركة وإدارة المحافظ الاستثمارية في السوق، وليس هيئة سوق المال، وكلي أمل في أن يصدر أو أن يكون القرار الوزاري قد صدر مع نشر المقال بإنشاء شركة تداول الأسهم كشركة مستقلة بمجلس إدارة مستقل. أتمنى أن يتم الكشف عن معلومات صندوق الأسهم للجميع، فهذا حق للجميع لأن المعلومات الموجودة تخص مستثمرين في شركات مساهمة عامة وهي المبدأ الأساس الذي تقوم عليه تلك الشركات وفلسفة عملها في أن الملكية مشاعة ولذلك أوجدت أسواق المال لتبادل الملكية والبيع والشراء على المكشوف. ولكن وبتطبيق خاطئ حولناها إلى صندوق أسود لا أحد يعرف ما بداخله. وبكل أسف حتى عندما حاولت هيئة سوق المال في بداية تأسيسها كشف تلك الحقائق من خلال إعلان نسب التملك الذين تزيد على 5 في المائة، قامت قائمة المطبلين والذين لا يتحركون إلا في الظلام، وجيشوا العامة والهوام لما يريدون حتى قيل كلام كثير وسالت الدماء في سبيل إيقاف ذلك الإجراء الذي هو حق للمستثمر وليس تشهيرا كما قيل، ولكن لا غرابة أن يرفض الجاهل حقوقه أو يتركها لمن يعرف ويعلم كيف تؤكل الكتف. وللمعلومة فإن الأصل في الاستثمار هو أن تعرف من يملك الأصول المستهدفة للاستثمار قبل الدخول في شراكة فيها، وهي من أبسط قواعد ومبادئ الاستثمار.
وبالتالي أتوقع من إدارة تداول (شركة تداول الأسهم مستقبلا) أن توفر بشكل علني كل معلومات المحافظ الاستثمارية في الأسهم ونسب التملك في جميع الشركات المساهمة وتحديث تلك المعلومات بشكل دوري، وبالتالي يصبح اللعب على المكشوف كما يقال وبالتالي يتحمل الجميع نتائج عمله. وعليه عندما يرغب إنسان ما في الاستثمار في شركة مساهمة معنية فيكون جزء من الواجب عليه الاطلاع ومعرفة الملاك لهذه الشركة حتى تاريخه بهدف الاطمئنان إلى استثماراته، وأنها مع مستثمرين استراتيجيين وليس مضاربين لا هم لهم إلا تحريك السهم بكل الوسائل المباحة وغير المباحة، وإذا كان يريد المضاربة فهو أيضا حق له ويتحمل كامل المسؤولية عن قراراته. كما أن هذا الإجراء سوف يسد بابا كبيرا من أبواب الإشاعات والتي تنخر في اقتصاد الأمة يومياً من خلال ما يتسرب من معلومات حقيقة أو مفبركة ومصممة لأهداف شخصية وفئوية. الشفافية علاج وعلاج ناجع إذا ما استخدم بجرعات معينة تتناسب مع دراسة الحالة والظرف. كما أن هذا الإجراء يساعد على معرفة المستثمرين الاستراتيجيين من غيرهم وبالتالي يمكن المجتمع المحلي والدولي من الاختيار عند إنشاء المشاريع العملاقة والاستراتيجية. وفي الختام لو علمنا ما يخطط له عالميا من كيفية إدارة المعلومات عالميا وكيفية توفيرها للشركات العالمية أو العابرة للقارات لضحكنا كثيرا على ما لدينا، ولأن أقول بكينا.