النهاية..
ها هو عامنا قد اقترب من أيامه الأخيرة .. ويا له من عام سار دون تمهل أو روية.. حصد وأوجع كثيرا منّا، وأكثر من الأنين والشكوى لمن ينتمون لنا، نودعه بكثير من الحزن، والأسى على ما آلت إليه بلدان عربية كثيرة وهي تعيش الفوضى السياسية، وقسوة الزمن من جراء عدو غريب متربص، أو عدو من بين أهلها أغراه الغريب وبات متسلطاً, همه إرضاء هذا الغريب, فها هو لبنان يعاني انقساما وفوضى تقودها التبعية للآخرين .. ولا عزاء للوطن, والعراق أصبح ممزقاً وأيامه حبلى بالمليشيات المستترة التي تقتل المسالمين دون رحمة, وتنضح بأشباه الإنسان المتخفين خلف رداء السياسة والقيادة, وهم لأغراضهم الحقيرة منفذون دون خوف أو وجل .. وهاهي أمريكا بعد أن أفسدت كل شيء, تطلب الحبور وترضى بالتراجع, وإن كان لا تهمها مدينة فلسطينية قد خُسف بأهلها, أو منزل في بغداد قد نُحر رجاله, المهم أن تكون صاحبة القرار, ولا بأس أن يكون القرار لإسرائيل من فرط هيمنة الأخيرة وتبعية الأولى وضعف العرب!.
الآن أصبحنا قريبين من توديع عام متلاطم من تاريخنا ومن نهاية لسنين أعمارنا القصيرة، لكن ما الذي يحدث لنا ؟!..، فحين كل مرة يقترب عامنا من نهايته, يعلونا الحزن وتتلعثم العبارات لتسقط الدموع من مآقيها .. لماذا فقط حين اقتراب النهاية نستفيق, ومن بعده نبدأ في حسابات الربح والخسارة؟ هل لأن هذه النهايات تثير في دواخلنا كثيرا من الشجن والترحم على حالنا التعيسة, أم أنها فقط تريد أن تذكّرنا أن جزءا من الحياة قد انصرم وبلا رجعة, ويا ويل ما تبقى منها؟ لكن .. حسبنا أننا ندرك أنها أشجان النهاية التي يمتزج فيها الماضي بالحاضر والمستقبل, ويبقى الألم العربي هو الرابط فيما بينها . أحداثنا العربية الدامية التي باتت تتوالى عاماً بعد آخر دون تفاؤل بتوقف تشكل لنا خليطاً من مستقبل مشبع بالخوف ورائحة الدماء والموت, وأخرى تنفض كل هذا وهي متطلعة لتشير إلى أن هناك وميضاً جميلاً سيطل على لبنان, وسيغسل العراق, وسيمسح دمعة الفلسطينيين.. سيعطينا الإحساس بالأمان, والعيش دون أي خوف من الآخر ومن المجهول.
يحدونا التفاؤل بأن دورة العنف والترهيب ستنتهي في هذه الدول, بعد أن أحيت المملكة العربية السعودية كل عناوين التفاؤل حين استطاعت أن تنزع معظم جذور الإرهاب وتسحقها بفضل التكافل والتآخي الذي تعيشه, لتوجه رسالة إلى من هم في شمالها أن لا خلاص إلا بعمل جماعي يتلاقى فيه على المحبة كل منتمين للبلد على شأن واحد وعنوان واحد هو مصلحة البلاد والعباد. وأخيراً, علينا أن نكون أصحاب تطلع أكبر ملؤه التفاؤل حتى وإن قسا الزمن, ولنا أن نتذكر أن عجلة الزمن مازالت تدور, ولابد لليل أن ينجلي .