هل وضعنا خططا لمواجهة احتياجات 38 مليون سعودي؟!
في السنوات الغابرة كان الخلاف كبيراً بين المحللين حول معدلات الزيادة في عدد سكان المملكة، ولكن اليوم بعد التقدم المتحقق في الإحصاء السكاني أصبح الخلاف طفيفاً والكل يجمع على أن معدلات الزيادة في عدد السكان كبيرة قياساً بالمعدلات في جميع دول العالم، بل إن بعض المنظمات الدولية تقول إن معدلات الزيادة في عدد السكان في المملكة العربية السعودية هي من المعدلات الأعلى في العالم.
وإذا كان الإحصائيون يجمعون على أن سكان المملكة سيقتربون من 38 مليون نسمة عام 2020م، أي أن سكان المملكة سيصل تعدادهم بعد 13 سنة إلى 38 مليون نسمة، فإن الأمر يبدو مخيفاً أو مرعباً ويطرح أسئلة كثيرة ومتلاحقة وأهم هذه الأسئلة هو: ماذا أعددنا من خطط لمواجهة احتياجات هذا العدد الكبير من الناس؟!!
إن مدة 13 عاماً بالنسبة إلى التخطيط هي مدة بسيطة لأن السنوات تتسابق وتتلاحق وأمامنا مشكلات كبيرة وكثيرة ولعل أهم الأسئلة التي يمكن أن نطرحها هي: ما الخطط التي صممناها لاستيعاب أعداد الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات والكليات ولاسيما نحن من الآن نواجه مشكلة عدم وجود أماكن لنصف الطلاب والطالبات من طالبي التعليم في مختلف التخصصات.
وسؤال آخر مهم يطرح نفسه وبالذات في هذه الأيام وهو: ما الخطط التي أعددناها لتوفير المياه ولاسيما نحن من الآن نشكو من شح في المياه، والأخطر من هذا أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على حروب على المياه, فالكل بعد 13 سنة سيشكو من شح في الكهرباء وفي مياه الشرب، وسيشكو من شح في مياه الري وسيشكو من نقص في مياه البناء والحياة.
وسؤال ثالث: ماذا أعددنا من مشاريع الصرف الصحي والأرض تميد من تحت أساسات العمارات التي سيبلغ عمر معظمها 50 عاماً, ويهددها خطر الانزلاق والسقوط والترنح، بل إن مياه البيارات أصبحت تشكل خطراً حقيقياً على صحة الإنسان وعلى البيئة بصورة عامة.
وإذا كانت تلك أسئلة ملحة, فإن السؤال الأكبر هو: ماذا أعددنا لقوافل الخريجين الذين سيحملون مؤهلاتهم ويبحثون عن عمل يوفر لهم لقمة العيش ويوفر لهم الأقفاص الذهبية الحالمة، وهؤلاء قد يتجاوز تعدادهم في عام 2020 المليون طالب وطالبة عمل.
أما السؤال الذي يتجاوز البعد المحلي ويتصل بالعمق العالمي ويفرض نفسه على اقتصادنا المحلي فهو: ماذا أعددنا من خطط لتنويع مصادر الدخل وبالذات ما الخطوات التي اتخذناها لبناء المفاعل النووي السعودي الذي يجب أن نباشر فوراً في وضع الدراسات اللازمة للتنفيذ العاجل ولاسيما أن بناء المفاعلات النووية أصبح خياراً استراتيجياً ملحاً عند الكثير من دول العالم النامي قبل دول العالم المتقدم.
لا شك أننا أمام تحديات كثيرة ونسلم أننا نعيش في هذه الأيام في حالة انتعاش ورخاء بسبب الزيادة الملحوظة في إيرادات النفط، ولكن الأخطر أننا بعد 13 عاماً من الآن أي في عام 2020، حينما يكون عدد السكان 38 مليون نسمة سيكون الحال غير الحال وسنكون في قلب مرحلة الانكماش, لا سمح الله، ولن تكون في خزائننا الأموال التي نتمناها لنعالج مشكلاتنا، في التو واللحظة.
حقيقة إننا في سباق مع الزمن..
إن حكومة خادم الحرمين الشريفين اتجهت نحو توقيع اتفاقيات الشراكة الدولية مع عدد من الدول الاقتصادية الكبيرة، كما أن حكومتنا الرشيدة اتجهت إلى بناء المدن الصناعية الكبرى في مناطق مختلفة من المملكة برؤوس أموال تتجاوز المليارات من الدولارات.
وهذا شيء رائع ولكن الأهم من هذا أن تأتي كل هذه المشاريع وفق منهجية إحصائية نواجه بها الزيادة الهائلة في عدد السكان, بمعنى يجب أن نحدد الوظائف المتاحة سنوياً بما يتناسب مع قوافل الخريجين طلاب هذه الوظائف.
ويجب أن نقدر كمية الطلب على المياه والكهرباء ونوفر العرض اللازم وفقاً للطلب من قبل 38 مليون نسمة، وكذلك يجب أن نقدر الطلب على الغذاء والسكن ووسائل المواصلات والاتصالات لهذا العدد الغفير من البشر.
الأكثر من هذا أن نحقق تحسناً نوعياً في كل الخدمات التي نقدمها، بمعنى يجب ألا نقدم الخدمات للناس بالمستوى المتواضع الذي نقدمه لهم الآن وهم 21 مليون نسمة.
مع احترامنا الشديد لخطط التنمية الثماني التي تم ويتم تنفيذها على مدى 40 عاماً، فإن المشكلات القائمة والقصور في المتاح من الخدمات وفي كل ما ذكرناه يؤكدان أن خطط التنمية لم تحقق أهدافها، بدليل أن المواطن لا يزال يعاني ما كان يعانيه قبيل تنفيذ الخطط التنموية الثماني، سواء بالنسبة إلى نقص المياه أو نقص المتاح من الوظائف أو نقص في الخدمات وعجز في التعليم والصحة والإسكان.
إن وضع خطة استراتيجية رقمية من الآن وحتى عام 2020 بات من ضرورات استقرار مملكتنا الحبيبة، وإلا فإن الأخطار ـ لا سمح الله ـ ستتهددنا.