حجم التجارة الخارجة عن رقابة مصلحة الزكاة والدخل تعادل الثلثين ( 2 من 2 )

[email protected]

قبل أن استكمل المقال السابق، أحب أن أشير إلى كلمة "الاقتصادية" يوم الإثنين الماضي حول قضايا الوعاء الزكوي، ولمزيد من التوضيح حول هذا الموضوع، إن مصلحة الزكاة والدخل هي التي تدفع الشركات إلى المنازعة القضائية من خلال إقرار مبالغ إضافية أغلبها جزافي، ُتقدر من موظف المصلحة وهناك العشرات من القضايا التي كسبتها الشركات ضد "الموظف" وليس ضد نظام الزكاة. ولعلم القارئ الكريم أن حجم التجارة الخارجة عن رقابة مصلحة الزكاة تعادل الثلثين من التي تحت رقابتها وهو الاقتصاد الخفي، وأهمها بيع وشراء العقار وتداول الأسهم.
أعود إلى قراءة النظام من خلال التطبيق العملي لحسين أبو داود النظام الضريبي، حيث شرح لنا المادة الثانية عشرة من الفصل الخامس من نظام ضريبة الدخل وذكر تعريف مصاريف الدخل: وهي جميع المصاريف العادية والضرورية لتحقيق الدخل الخاضع للضريبة سواء كانت مسددة أو مستحقة والمتكبدة خلال السنة الضريبية. وهي مصاريف جائزة الحسم عند احتساب الوعاء الضريبي باستثناء أي مصاريف ذات طبيعة رأس مالية، كذلك المصاريف الأخرى بمقتضى المادة الثالثة عشرة من النظام التي تنص: على أن المصاريف غير الجائز حسمها وهي:
أولاً: المصاريف غير المرتبطة بتحقيق الدخل الخاضع للضريبة.
ثانياً: أي مبالغ مدفوعة أو مزايا مقدمه للمساهم أو الشريك أو لأي موظف قريب لهما إذا كانت تمثل أجورا أو مكافآت وما في حكمها.
وبالاطلاع على المادة العاشرة من اللائحة: نجد أن المصاريف التي لا يجوز حسمها كالتالي: الرواتب والأجور وما في حكمهما سواء كانت نقدية أو عينية، المدفوعة للمالك أو الشريك أو المساهم أو لأي من أفراد عائلته من الوالدين والزوج والأبناء والإخوة وكذلك المصاريف الترفيهية كمصاريف الحفلات واللقاءات الرياضية والأنشطة والرحلات وما شابه ذلك. السؤال المطروح من الجانب السعودي؟ هل المطلوب من المستثمر الأجنبي ألا يوظف شريكه السعودي أو أبناءه أو أحدا من أقاربه؟ وهل يعقل أن الشريك السعودي الذي يعمل في شركته ومعه شركاء أجانب، أن يعمل دون رواتب أو مكافآت أو ميزات لأنه شريك، وعليه أيضا ألا يوظف أقاربه وأن يترك الشركة للشريك الأجنبي أو يوظف غيره وغير أهله!! أو نقول وظفهم ولكن لن نحتسبها مصاريف رواتب بل سنعتبرها دخلاَ نضيفه إلى وعاء الزكاة للسعودي وكذلك ضريبة تُؤخذ على المستثمر الأجنبي.

هل يعقل أن يعاقب من يشغل أبناءه أو أقاربه في شركته مع شريكه الأجنبي بدفع زكاة وضريبة على رواتبهم؟ وكيف يقبل المشرع في وزارة المالية إقرار مادة نظامية تتعارض مع فتوى شرعية؟ حيث أوضحت النشرة ربع السنوية التي تنشرها مصلحة الزكاة والدخل العدد الثاني 1426 صفحة 46 - فتوى لهيئة كبار العلماء والإفتاء رقم 22644 وتاريخ 9/3/1424هـ، جواباً عن السؤال: إذا أخذ صاحب المنشأة راتباً شهرياً أو بدل مواصلات مقابل إدارته منشأته للصرف منه على حاجياته الأسرية والشخصية، هل يخضع هذا الراتب أو بدل السكن أو بدل المواصلات للزكاة الشرعية؟ أم أنه يمكن خصمه من المبالغ الخاضعة للزكاة؟ فكان الجواب: ما يأخذه صاحب المنشأة مقابل راتب أو بدل سكن أو مواصلات إذا حازه قبل نهاية الحول فلا يحسب في الوعاء الزكوى للمنشأة شأنه شأن رواتب سائر الموظفين وما يصرف لهم من بدلات ويراعى في تحديد ما يأخذه صاحب المنشأة كراتب له ما يأخذه نظراؤه في المنشآت المماثلة ! هذه الفتوى واضحة لذلك فإن المطلوب من مصلحة الزكاة والدخل أن تجتمع مع الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين ومجلس الغرف السعودية وتضع معهم جداول للوظائف حسب مستوى المنشأة ومبيعاتها ومواقعها ونشاطها لتحديد الراتب المماثل والمكافآت وفقاَ لمعايير محددة بحيث تعدل هذه الجداول كل خمس سنوات بالزيادة أو النقصان وما زاد عليه تجب عليه الزكاة أو الضريبة، وهذا ليس مطلب صعب التنفيذ وفيه عدل؟ كذلك هل يعقل ألا تحسب للشركة المصاريف التثقيفية مثل ندوات الأمن والسلامة والتطوير الوظيفي أو الاجتماعية مثل المشاركة في اللقاءات الوطنية أو الرحلات الترفيهية، على الرغم من أن هذه الأنشطة تعتبر جزءاً ضروريا للارتقاء بأغراض الشركة وتطوير أعمالها.
كذلك المادة السابعة والستين من النظام والخاصة بتشكيل واختصاص لجان الاعتراض الابتدائية والاستئنافية ينص (يتم تشكيل لجان الاعتراض الابتدائية المختصة بالفصل في الخلافات الضريبية بقرار من الوزير ويصدر بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير تشكيل لجنة الاستئناف للنظر في قرارات لجان الاعتراض الابتدائية الضريبية المستأنفة من قبل المكلف أو المصلحة، وتحدد اللائحة صلاحيات واختصاصات وإجراءات عمل اللجان الابتدائية والاستئنافية والخبرات العلمية والعملية لأعضائها ومكافآتهم). وتفسرها اللائحة في مادتها الحادية والستين (أن تشكيل لجان اعتراض ابتدائية للفصل في الخلافات الضريبية التي تنشأ بين المصلحة والمكلفين وتكون كل لجنة من رئيس وثلاثة أعضاء على الأقل ويجب أن يكون أعضاء اللجنة من المختصين في مجال المحاسبة والأنظمة والضرائب أحدهم من موظفي المصلحة... إلخ) هنا سؤال آخر إلى وزارة المالية كيف يكون الخصم حكماً وعضواَ في لجنة الحكام؟ ألا يعتبر تعيين أحد موظفي المصلحة ممن هم في الخدمة إخلالاً بميزان العدل؟ وهذا - دون شك - لا يمنع من تعيين موظفين متقاعدين من المصلحة أو وزارة المالية بحيث لا ترشحهم وزارة المالية بل وزارة العدل أو مجلس الغرف السعودية إلى مجلس الوزراء، هذا إذا أردنا العدل والقسط. كما يقترح أبو داود أن تكون هذه اللجان الابتدائية والاستئنافية تابعة لديوان المظالم .
وفي تقديري أن الأستاذ حسين أبو داود قد وفق في اقتراحه على المجلس الاقتصادي الأعلى ومجلس الغرف الاجتماع لبحث المرئيات التالية:
أولاً:القبول بنسبة الضريبة على الشريك الأجنبي 20 في المائة فقط وإلغاء ضريبة الاستقطاع على الأرباح الموزعة سابقاَ.
ثانياَ:تطبيق النظام ولائحته بعد التعديل من تاريخ نفاذه رسمياَ في 30/7/2004م بصرف النظر عن السنة المالية للمكلف.
ثالثاَ:احتساب ما يدفع للشريك السعودي وأقاربه في الشركات المختلطة كمصاريف جائزة الحسم عند احتساب الزكاة أو الضريبة على أساس تقديري مثلما يدفع من رواتب ومزايا ومكافآت في الشركات السعودية المماثلة.
رابعاَ:احتساب المصاريف الفعلية للندوات وكذلك الغرامات المرتبطة بالنشاط كمصاريف حقيقية جائزة الحسم في احتساب وعاء الضريبة والزكاة.
خامساَ: إعطاء تخفيض ضريبي للمستثمر في المناطق النائية والمدن الصغيرة وفى القطاعات التي ترغب الدولة في تشجيعها مثلما حصل في المدن الاقتصادية في رابغ وحائل وجيزان.
سادساً: تعديل النظام لتكون اللجان القضائية تابعة لديوان المظالم أو المحاكم التجارية وألا يكون من ضمن أعضاء اللجنة القضائية ممثلاَ عن وزارة المالية أو هيئاتها.
ختاما أتمنى أن تظل وزارة المالية وزارة رائدة في تحريك الاقتصاد الوطني وقيادته إلى بر الأمان وتفي بما وعدت به وأعلنته تكراراً، وأن يكون للمجلس الاقتصادي الأعلى ومجلس الغرف السعودية دوراً في مراجعة ودراسة هذه النظم معها، خصـوصاً أن سياسات الحكومة ترمي إلى تعزيز الاستثمار وجذب المستثمرين الأجانب، لقد مرت فترة ليست بالقصيرة على صدور نظام ضريبة الدخل ولائحته التنفيذية ولم نر من مصلحة الزكاة والدخل أي تجاوب أو بصيص أمل لتعديل بعض المواد على الرغم مما تناقلته الصحف من آراء ومقترحات، ضاربين بكل الآراء الإيجابية عرض الحائط وكأن ما يكتب لا يستحق الرد أو التعليق عليه. حيث لم نر أي تجاوب من وزارة المالية ولا من مصلحة الزكاة والدخل ولا من المجلس الاقتصادي الأعلى الذي من صميم اهتماماته ومسؤولياته هذه القضايا، فهل نسمع منهم رأي أو قرار إيجابي وعادل؟ معالي الوزير باستطاعتك تعديل اللائحة التنفيذية ، وأهمية الأخذ بمقترحات رجال الأعمال الشريك الاستراتيجي معكم في التنمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي