الثقة بالمعلومات المحاسبية على المحك

<a href="mailto:[email protected]">Fax_2752269@yahoo.com</a>

لا يمكن عزل اللغط وكثرة الجدل المصاحب لطرح الشركات الجديدة للاكتتاب العام والمتعلق بعدالة علاوة الإصدار من عدمها عمّا سبق وأكدت عليه في مقال سابق وهو ضرورة أن تتوافر في المعلومات المحاسبية لجميع الشركات الثقة والمصداقية، من ناحية أخرى لا يمكن لأي منشأة تعمل في القطاع الخاص كبرت أو صغرت أن تطور أعمالها وتحدد خياراتها الاستثمارية وبدائل قراراتها الاستراتيجية وخططها المستقبلية دون معلومات محاسبية صحيحة وموثوق فيها مهما كان نشاطها، أيضا سوق الائتمان الذي تقوم عليه اقتصاديات جميع دول العالم هو الآخر لا يمكن أن يقوم دون توافر معلومات محاسبية موثوق بها، من هنا كان لمهنة المحاسبة والمراجعة الدور الأهم في الاقتصاد العالمي ولعلي أشبه دورها بالسارية التي يقوم عليها رواق الاقتصاد.
وإذا أخذنا الجدل الدائر هذه الأيام حول علاوة إصدار إحدى الشركات المطروحة للاكتتاب العام ومدى عدالتها من عدمه فإنه سيوصلنا إلى لب الموضوع الذي يدور حوله كثير ممن أدلوا بدلوهم حوله دون أن يأتوا عليه، بمعنى أن أي شخص يشكك في علاوة الإصدار هو أحد صنفين، إما أنه لم يطلع على القوائم المالية للشركة وإما أنه اطلع عليها ولكنه لا يستطيع قراءتها وتحليلها، وهذا الصنف هو الأكثر في اعتقادي أو أن يكون اطلع على القوائم المالية ويعلم كيف يقرؤها ويحللها ولكنه يشكك في صدقيتها وينزع الثقة منها.
الصنف الأول ينطلق في رأيه من انطباعات شخصية لا ترتكز على حقائق مالية إلا أنه آثر أن يدلي بدلوه، وكان حري به أن يتجنب الخوض فيما لا يعلم فالموضوع مهني خالص لا علاقة له بالآراء والانطباعات الشخصية التي ربما تكون في غير مكانها وزمانها الصحيحين مما ينعكس سلبا على الثقة في الاقتصاد الوطني والقائمين عليه، أما الصنف الثاني وهم قلة قليلة فلديهم شكوك تتعلق كما ذكرت بصدقية البيانات المالية ومدى عدالتها وتمثيلها لموقف الشركة الحقيقي، إلا أن آراءهم تلك كما الصنف الأول لا يمكن دعمها بأدلة دامغة وستبقى نوعا من الانطباعات أيضا.
فإذا ما علمنا أن عدالة علاوة الإصدار لها علاقة وثيقة بعدالة القوائم المالية للشركة فإن السؤال الذي كان ينبغي لجميع من أدلى بدلوه حول الموضوع أن يطرحه هو: كيف يمكن لأي شخص مختص أو جهة حيادية الوثوق في عدالة القوائم المالية وأنها تمثل بعدل موقف الشركة المالي ونتائج أعمالها؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه على أمر مهم وهو أن مسؤولية إعداد القوائم المالية والملاحظات المرفقة بها تقع على عاتق إدارة الشركة نفسها، إلا أن تلك القوائم لا تحظى بثقة المستفيدين الخارجيين ولا المساهمين إلا إذا راجعها مراجع حسابات قانوني مستقل يحظى بالثقة وتتوافر فيه عناصر الكفاءة المهنية والخبرة.
من هنا فإن قيام مراجعي الحسابات بدورهم المهم الذي يزيل الشكوك ويضفي الثقة على القوائم المالية يرتبط ببذلهم العناية المهنية الواجبة التي حددتها معايير المراجعة المعتمدة من قبل الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين والتي تتضمن تخطيط عملية المراجعة بشكل جيد وفحص نظام الرقابة الداخلية وتحديد مدى قوته من ضعفه، ومن ثم عمل الاختبارات اللازمة التي يستطيع من خلالها المراجع أن يجمع أدلة الإثبات والقرائن التي تدعم رأيه حول سلامة القوائم المالية وعدالتها من عدمه.
لذا فإن من المهم الرقابة على مكاتب المراجعة لضمان جودة أدائها واتساقه مع متطلبات المهنة وهذا في رأيي هو الواجب أن يثار من قبل الكتاب المتخصصين لا علاوة الإصدار التي لن يختلف على تحديدها اثنان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي