المياه بين العام والخاص
<a href="mailto:[email protected]">Bader1001@yahoo.com</a>
تتوجه الدولة إلى تخصيص قطاع إنتاج المياه وتوزيعها, وبدأت بالفعل إجراءات التخصيص لهذا القطاع الحيوي الذي يقدم أهم خدمة على الإطلاق. إن طبيعة المملكة تحتم عليها الحرص الشديد في استخدام المياه وعدم التساهل في كل ما يتسبب في إهدارها, ومن هنا يبدو أن فكرة التخصيص لهذا القطاع قد نشأت.
إن التخصيص للخدمات العامة ليس دائما هو الحل الأمثل, وفي بعض الأحيان يكون هو من ضمن الخيارات غير العملية نظراً لاختلاف التوجه بين القطاعين العام والخاص واختلاف الأهداف, حيث إن الهدف الأول والأهم للقطاع الخاص يتمثل في تحقيق الربح والعائد المجزي على الاستثمار واستمرار نمو هذه الأرباح, بينما يفترض أن يهتم القطاع العام بتقديم الخدمة بأعلى كفاءة وأقل التكاليف دون أن يكون العائد المالي هو الموجّه الوحيد, بل قد يكون في أسفل قائمه الاهتمامات لأن العائد على الاقتصاد من جرّاء تقديم هذه الخدمة أو تحقيق المصلحة العامة هو الهدف الأهم, لذا لا يمكن أن نقيس الصرف الحكومي على الدفاع والأمن والصحة والتعليم بمقاييس الربح والخسارة والعائد المالي على الاستثمار, وبالتالي فإن النظر إلى توفير خدمات المياه للمواطنين لا يمكن أن يحكمه التفكير الاقتصادي فقط مثلما لم يحكم ذلك قطاع الكهرباء.
إن التمعن في تجربة تخصيص قطاع الكهرباء والخروج به من المأزق الذي هو فيه الآن يجب أن يسبق أي محاولة لتخصيص قطاع المياه. إن التخصيص للخدمات العامة التي لا يمكن تحقيق مبدأ المنافسة فيها لن يحل مشاكل القطاع بل قد يتسبب في خلق مشاكل أخرى تتمثل في أعباء مالية إضافية كبيرة ومشاكل اجتماعية واقتصادية لا يستطيع القطاع الخاص أن يتعامل أو يتعاطف معها.
إن باستطاعة وزارة المياه أن تعمل الكثير للرفع من مستوى أداء مصالح المياه والصرف الصحي من خلال إعادة الهيكلة الإدارية لهذا القطاع والاستثمار في التقنية واستقطاب الكفاءات من الداخل والخارج ووضع الأهداف ومراجعتها بصفة مستمرة ومطالبة الإدارة بتحقيق النتائج ومحاسبتها على التقصير وتوفير الإمكانات المالية والبشرية لها لتمكينها من أداء عملها على أكمل وجه.
إن قطاع المياه ليس كقطاع الاتصالات الذي حل التخصيص الكثير من مشكلاته بل هو توأم قطاع الكهرباء الذي يترنح تحت ثقل الديون ويعمل ببيروقراطية القطاع العام بمزايا القطاع الخاص. إن التوجه لوزارة المياه يجب أن يكون للرفع من مستوى العمل في هذا القطاع والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال واختيار ما يناسب بيئتنا وظروفنا منها. إن إنتاج المياه وتوزيعها التوزيع العادل لا يمكن أن يتحقق على يدي قطاعنا الخاص الذي ما زال ناشئاً ولم تتوافر له القاعدة القانونية الصلبة التي تحمكه وتضمن حسن الأداء فيه.