وقف العقار لأعمال الخير من أعظم الأعمال الصالحة

<a href="mailto:[email protected]">yafarraj@hotmail.com</a>

حين تصفو النفوس في هذا الشهر الكريم, ويضعف نسبيا تعلقها بأمور الدنيا وتزداد رغبتها في رفع رصيدها من الأعمال الصالحة, وتلتفت إلى المحتاجين من فقراء ومساكين وغارمين وغيرهم ممن تصرف فيهم الصدقات, وعندما تنحسر النظرة إلى النفس وتحقيق شهواتها وطلباتها في مقابل الشعور بالجماعة, ولما تقرع الآذان النصوص الشرعية من آيات وأحاديث نبوية, آمرة تارة ومرغبة تارة أخرى بالإحسان إلى الناس ومد يد العون لهم والسعي في تفريج كرباتهم, عندما يحصل ذلك وغيره من موجبات التقوى والتي هي من أعظم مقاصد هذا الموسم الفاضل, فلا بد من توظيفه فيما يحقق العائد الأكبر من القربى من الله أولا, ومحاولة تعميم هذا الإحسان ثانيا لتستفيد منه أكبر شريحة ممكنة من المحتاجين.
حسنا..الموضوع بوضوح أن هناك من الأغنياء من يوفقه الله إلى أن يعلم أن ما في يده من فضل هو لله امتن به عليه, واستطاع مغالبة نفسه لإخراج الحقوق في هذا المال للغير, ولا أعني هنا الواجب منها كالزكاة والنفقة فهذا لا منة له فيه وهو فرض عليه كالصلاة والصيام والحج, وإنما أتحدث عما يملك أن يخرجه أو يمنعه من الصدقات فهنا مواضع اختبار النفوس ومعرفة مدى قربها من ربها.
يكثر توجيه السائلين الراغبين في الأعمال الفاضلة في هذا الشهر بصرف أموالهم من الصدقات في عدد من الأعمال كتفطير الصائمين أو سداد الديون عن الغارمين أو المساعدة في تزويج غير القادرين أو إطلاق المسجونين وغيرها من المصارف ولا شك أن ذلك من أفضل الأعمال, إلا أن هذه الآلية في الصرف وإن كانت تحقق المقصد لكنها منقطعة وليس لها صفة الاستمرارية, وبالتالي فسنحتاج إلى الكثير من الأموال في كل سنة لتغطية احتياج المحتاجين, وقد لا تكفي.
وما أريد أن أصل إليه في هذا المقال هو دعوة أصحاب الأموال إلى إسقاط خبراتهم التجارية المبنية على الخطط واستشارة المؤسسات المالية المختصة ودراسات الجدوى الاقتصادية في كيفية الانتفاع من مال الصدقة ليحقق أكبر عائد منه, ويستمر ذلك أكبر مدة, ولا بأس أن يستعين بمختصين في الشريعة لملاحظة الجوانب الفقهية, ولا شك أن من أعظم هذه الكيفيات هو: "الوقف", وهو تحبيس الأصول وتسبيل منافعها بشرط أن يدار بطريقة احترافية من خلال مؤسسات مختصة, وقد بادر بعض أصحاب الأموال بإنشاء مؤسسة خيرية تعنى بإدارة هذه الأموال وحفظها وصرفها في مصارفها, وتولي إجراءات الوقف وإثباته وإدارته وتحصيل غلته, وهي بادرة طيبة نتمنى أن يتبناها البقية من التجار لتنظيم استثمار هذه الأموال وصرفها بطرق كفيلة بوصولها لأصحابها, وأن تبقى أكبر مدة ممكنة, تقبل الله منهم وجعلها في موازين أعمالهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي