سوء المال .. وسوء الحال
واصل المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية نزيفه وانخفاضه دون أن يخرج إلينا مسئول حكومي باستثناء إطلالة علي استحياء من معالي رئيس هيئة سوق المال المكلف ، وكنت أشرت في مقال سابق إلي أنه من غير المناسب أن تخرج الجهات المسؤولة جميع الحلول عند الانخفاض الأول في شهر فبراير مثل تقسيم الأسهم والسماح للأجانب بالتداول ورفع النسبة من 25% إلي 10% ولم تترك الجهة المختصة حلول أخري للجوء إليها عند الحاجة كما يحدث الآن ، حيث أقفل المؤشر في الأسبوع الماضي عند مستوي 8000 نقطة وذلك بانخفاض بنحو 28% في الأربعة أسابيع الماضية ، كما بلغت خسائره 52% من بداية ألسنه و61% منذ 25 فبراير عندما أقفل عن مستوي 2063 نقطة وانخفضت القيمة السوقية للشركات المدرجة البالغة 83 شركة بنحو 63 مليار ريال لتصل إلي 1233 مليار ريال ، وقد أنقسم المساهمون إلي فسطاطين أولئك المضاربين العابرين علي سراط الأسهم بسرعات مختلفة منهم من عبر سريعاً ومنهم من يهوي إلي القاع السحيق وأصحاب الاستثمار الاستراتيجي الذين مروا بمثل هذه التجارب في الماضي وازدادوا إيماناً بأهمية الاستثمار للمدي البعيد وعوائده المباشرة وغير المباشرة وبين الفئتين برز منذ زمن فصل جديد من الذين أمنوا في المرحلة الأخيرة العقوبة فأساءوا استخدام ما يصل إليهم من المعلومات وما يولدون من إشاعات تؤدي في مجملها إلي انسياق الكثير من الفئة الأولي خلف هؤلاء المضاربين قادة القطيع حتى إذا صعدوا بالأسهم المتفق عليها إلي مضارب خيالية في السعر الأساسي للسهم باعوا وتركوا المتابعين وتابعيهم في ضلالهم يعمهون مما وسع دائرة الخسارة والأضرار بالكثير من المساهمين الذين الحق بهم السوق ومتاهاته الكثير من الخسائر والأضرار بالرغم من الوضع الاقتصادي الجيد الذي تعيشه المملكة واستقرار نسبة التضخم وكذلك استمرار واستقرار سعر البترول ووجود فوائض مالية جيدة لدي الدولة لتوجيهها لأعمال البنية الأساسية التي مضي علي إنشاء الكثير منها سنوات عديدة والتي أصبحت تحتاج إلي الصيانة والتجديد والإضافة والإصلاح وربما التوسعة مثل محطات التحلية والكهرباء والطرق السريعة وإنشاء طرق دولية جديدة لربط مناطق المملكة بعضها ببعض وكذلك تسهيل السفر والعبور إلي الدول المجاورة والدول الحدودية الأخرى مثل الإمارات وقطر والكويت والعراق والأردن ولاشك أيضاً أن تجديد وصيانة وتوسعة بعض الموانئ الرئيسية ومعداتها في جدة والدمام والجبيل وبعض الموانئ الأخرى وتنشيط المواني الرديفة في القنفذة وجيزان وينبع وضباء والوجه ، وحتى لا أخرج عن الموضوع الأساسي فأنني اعتقد أن من واجب هيئة سوق المال أن تتابع وترصد تحركات هؤلاء المضاربين وتنزل بهم العقوبات المنصوص عليها نظاماً ، حيث أتضح أن الهيئة بعد التغيرات الجديدة أصبحت تغض الطرف عن كثير من التجاوزات التي تصدت لها الإدارة السابقة مما اضعف موقف الهيئة وقلل من هيبتها وأصبحت تلتمس العذر وتتغاضي عن بعض التجاوزات وتلجأ إلي إصدار التعليمات التي تنص علي الوضوح والشفافية والإفصاح وحوكمة الشركات دون أن تلفت أو تعاقب أولئك المتجاوزين والذين تعرفهم الهيئة بسيماهم ، ومن تحركات وأسعار الأسهم ومن مؤشر التداول والحقيقة أن المستثمر في السوق السعودي يستغرب هذه المواقف السلبية من الهيئة وزيادة الطين بلة بتقديم حلول يبدوا أنها لم تنال الكثير من الدراسة والتحميص مثل فترة التداول والاكتتابات المتوالية وغض الطرف عن المبالغة في علاوة الإصدار ، وحيث أننا اقتصاد ريعي وقادومون جدد علي مثل هذه الأمور فأن واجب الهيئة والوزارة المعنية عدم الاعتماد علي بعض المكاتب المحاسبية والبنوك التي تبالغ في علاوة الإصدار ليرتفع بذلك نسبة عمولتها من إتمام الاكتتاب ولعل في طرح بعض الشركات وما الحق ذلك من أضرار بالمساهمين من خلال اضطراب سوق الأسهم لخير دليل أن هذا الموضوع لم يعطي الدارسة الكافية ولا ينفعنا أن نلوم الجهة الفلانية والجهة العلانية ولا الاختصاصات المتضاربة ، حيث أن الحق حق أن يتبع وأن من المناسب أن تعين الهيئة والوزارة مكاتب ذات سمعة جيدة مثل مكتب الراشد والهيئة الوطنية للمحاسبين لتدقيق علاوة الإصدار والطرق المحاسبية لتقديرها وأن يذهب جزء من العلاوة لحساب احتياطي علاوة الإصدار لا إلي جيوب المؤسسين ووضع القيود المناسبة علي علاوة الإصدار وطرق تقديمها وتقيمها والطرق المحاسبية المختلفة للوصول إلي الأسعار العادلة لمكرر الأرباح والتدفقات النقدية المحققة وتقييم رأس المال وكذلك الشهرة وتطبيق أساليب الإفصاح النظامية ومعايير الإفصاح وإيضاح المكاسب والخسائر المحتملة وكما أن من المناسب أن يذهب جزء من علاوة الإصدار لسداد ديون الشركة ولعلي أذكر أن البنك الأهلي التجاري عندما أضاف إلي قائمة مؤسسيه عدد أخر من المؤسسين وكان بإمكان البنك أن يقرر علاوة إصدار كبيرة لهؤلاء المحظوظين إلا أن البنك أكتفي ببيع الحصص المقدمة لهؤلاء بالقيمة الاسمية وقدرها آنذاك مائة ريال ولعل الوزارة (وزارة التجارة والصناعة) وهيئة سوق المال تتعظان لما يحدث للسوق في الوقت الحاضر من أضرار مادية كبيرة لوضع سياسة واضحة لعلاوة الإصدار ، حيث أن هناك ثمن واضح يجب أن يدفعه الراغب في دفع شركته ومؤسسته إلي سوق الأسهم ولعل معالي الوزير (ومعالي الدكتور التويجري) يجربان استعمال الآلة الحاسبة لتقدير القيمة السوقية لبعض الشركات التي طرحت والتي أصبحت اقيامها بالبلايين بعد الرجوع إلي ما تملك هذه المؤسسة من علامات تجارية وأصول وخصوم ونشاط ليكون ذلك واضحاً عياناً بياناً لصناع القرار ـ والله الموفق .
تواصل
أنتهز هذه الفرصة لأقدم لسعادة الشيخ/ وليد آل إبراهيم وأسرة MBC وللأخ علي الحديثي أطيب التهاني والأماني بمناسبة منح الشيخ/ وليد آل إبراهيم جائزة فارس الإعلام العربي ـ كما أقدر للأخوة الكرام الذين طالبوني بالاستمرار والمواصلة مشاعرهم الصادقة .