طفرة المدن الاقتصادية الجديدة. . مطلوب التفاتة إلى مكة المكرمة

<p><a href="mailto:[email protected]">falkassim@yahoo.com</a></p>

البركة التي حلت وتحل ببلادنا والتي يعتبر أحد أهم مسبباتها تشرفها باحتضان الحرمين الشريفين، وقد أولت الدولة، وفقها الله، الحرمين الشريفين جُل اهتمامها في وقت مضى وما زالت، ولكن عند مقارنة المحقق بالطموح نجد هناك تقصيرا كبيرا على جميع الأصعدة.
في الأسبوع الماضي طابت قلوب أهل نجران وعسير وجازان بزيارة خادم الحرمين الشريفين، وكعادة الملك، وفقه الله، فقد انهمر الخير على المناطق الثلاث كالمطر أسأل الله أن يكون ديمة، وقبل ذلك أسست مدينة الملك عبد الله (إعمار المدينة الاقتصادية ) في رابغ تبعتها مدينة الملك عبد العزيز بن مساعد في حائل، ثم قرية المعرفة في المدينة النبوية، وكل هذه مدن جديدة سيتم إيجادها من العدم، وتبلغ الاستثمارات المقدرة لها عشرات المليارات من الريالات، وستبلغ مدد إنشائها عشرات السنين، في الوقت نفسه التي تعتبر فيه جدواها الاقتصادية في مهب الريح!!! ليس معرفة للغيب ولكنه يعكس غموضاً في التصور، وغياباً للشفافية.
لا يمكن مقارنة اقتصاديات مدينة بوزن مكة المكرمة مع مدينة رابغ أو حائل أو نجران أو جازان أو بها مجتمعة!! قناعتي أن اقتصاديات مكة المكرمة لا يمكن مقارنتها بأي مدينة أخرى، ولو صرفت الدولة جُل اهتمامها وكامل مواردها لتطوير مكة المكرمة فلن يكون ذلك مستنكراً، كيف لا وهي قبلة المسلمين ومحط أنظارهم ومعقد آمالهم لزيارتها في كل حين وآن.
كل زائر أو معتمر يلاحظ أن مكة المكرمة مدينة غير منظمة ( فهي خليط بين الحوسة واللخبطة)، ابتداء من الوصول إليها عن طريق مطار الملك عبد العزيز في جدة، مرورا بآلية النقل حتى يصل الزائر إلى مكة المكرمة، وانتهاء بتنظيم المنطقة المحيطة بالحرم المكي الشريف، ومع مرور الزمن دون تحسين وعدم إجراء أي تعديلات جذرية على بنية وتخطيط مكة المكرمة، يبدو للزائر أن مكة مدينة غير قابلة للتنظيم، فالمداخل إلى قلب مكة مثل القوارير فكلها أعناق للزجاجات، والمخارج من الحرم إلى أي مكان ينطبق عليها الشيء نفسه، وللأسف أن الحرم نفسه ليس بأفضل حالاً، وقد تأثر بالتنظيم والجو العام المحير لمكة، فدخول الناس وخروجهم من الحرم مشكلة، وسعة الحرم في ثبات مع التزايد الكبير في عدد الزوار والمعتمرين والمصلين، وعند استعراض وضع مكة كمدينة نجد أنه على الرغم من صرف مئات الملايين في فتح الأنفاق المؤدية إلى الحرم إلا أن التخطيط في مكة وكذلك التنفيذ يجمع بين الضعف والتسويف وسوء التنظيم، يكفي زيارة واحدة للحرم في المواسم ما بين صلاة العصر وحتى منتصف الليل ليتضح ذلك، فالطرق مغلقة من الازدحام وتكدس السيارات، والسيارات تصطف على جوانب الطرق، وتختلط السيارات بالمشاة فلا تستطيع التفريق بين اللحم والحديد!!!
يحدث ذلك في أطهر بقعة على وجه الأرض، وأهم بقعة لما يزيد على ألفي مليون مسلم حول العالم، ليست المشكلة مشكلة مالية، أو تخطيطية، فالمال موجود ولله الحمد، ولدينا من الدراسات التخطيطية في مركز أبحاث الحج ما فيه الخير والبركة، ولكن مشكلتنا الحقيقية في التعقيد والروتين الحكومي من جهة، وفي تنفيذ المشاريع من جهة أخرى.
تخيلوا معي لو تم تأسيس شركة لتطوير مكة المكرمة، تبنتها الهيئة العامة للاستثمار وسميت (مدينة مكة المكرمة الاقتصادية)، حتى تحظى بنفس التسهيلات والمزايا والاهتمام والدعم!!! وقامت هذه الشركة بتأسيس المشاريع التالية:
1- بدأت الشركة أول ما بدأت بإنشاء مطار دولي على أفضل مستوى في منطقة الشميسي الواقعة ما بين مكة وجدة.
2- إنشاء مشروع للقطارات يربط ما بين كل من المطار والحرم المكي والمشاعر المقدسة ومدينة جدة (المطار ـ الميناء ـ وسط البلد)، ويوصل إلى المدينة المنورة، كما أنه يربط الحرم المكي بجميع مداخل مكة والمناطق خارج الحرم.
3- التعجيل بإنشاء الطريق الموازي، وإنشاء طرق أخرى كمداخل للحرم من جميع الجهات.
4- تأسيس مدينة جامعية للعلوم الإنسانية والشرعية بجميع اللغات تمنح الدرجات الجامعية والعلمية العليا، بحكم أن مكة المكرمة مدينة السلام والإسلام، ويصرح لهذه المدينة باستقبال الطلاب من جميع أنحاء العالم، وفق توجهات أكاديمية بحتة.
5- إعلان فتح الأجواء لمطار مكة المكرمة لاستقبال الترانزيت ما بين الشرق والغرب، كمحطة استراحة لكل مسلم، يعطى معها تأشيرة زيارة لمدة 48 ساعة في المطار لزيارة مكة المكرمة.
6- إنشاء أكبر مركز للمعارض على مستوى الشرق الأوسط في منطقة قريبة من المطار تتمتع بتسهيلات متكافئة مع ما يقدم في الدول الأخرى المنافسة.
7- إنشاء مجمعات سكنية (شقق ـ فنادق) خارج المدينة وربطها مع الحرم بالقطار السريع.
8- إنشاء البورصة الإسلامية الكبرى، والتي تتمتع بجميع آليات وتقنيات التبادل التجاري بين دول العالم الإسلامي وباقي العالم، ويمكن مزاولة جميع أنواع التبادل التجاري فيها سواء على مستوى الأوراق المالية أو السلع أو الخدمات.
9- تأسيس مناطق حرة معفاة من القيود بشكل مدروس، وبالتالي ستضم البنوك والشركات الصناعية والتجارية والخدمية.. إلخ.
هذا الحلم من الممكن أن يكون حقيقة بسهولة ويسر، إذا التفتنا إلى مواردنا الحقيقية، فمكة المكرمة حقيقية لا مجاز مورد مضموناً لن ينضب حتى تقوم الساعة، تكفل بذلك رب العالمين، وعند التفكير في مكة كمدينة اقتصادية يجب ربطها بما خلقها الله له، آنذاك ستكون مكة المكرمة قبلة كل المسلمين في الدين والدنيا (الصلاة والاقتصاد).
عند طرح هذا المشروع للاكتتاب العام أتمنى أن يطرح 30 في المائة منه كطرح خاص للجهات التي تحقق للمشروع تكاملاً فنياً واستراتيجياً واضحاً وإن كثرت، وأن يطرح باقي المشروع وقدره 70 في المائة للاكتتاب العام.
إن تحقق مثل هذا المشروع وتنفيذه بالشكل الصحيح سيساعدنا على إضافة الوجه المشرق للمملكة بحكم أن مكة قبلة المسلمين، حيث إن مكة هي الجزء الأكثر إشراقا في حياة المسلم من أي شيء آخر، يضاف ذلك إلى العوائد الاقتصادية على المشروع، مما يجعل من المشروع ضربة معلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي