الحاجة ملحّة إلى برنامج ترخيص مزاولة المهن الخفيفة

<a href="mailto:[email protected]">ammorad@ewaa.com.sa</a>

الفصل الأول:
ما هي المهن الخفيفة؟ أخي القارئ، إن المهن الخفيفة هي تلك التي يعتمد عليها الكثير من أفراد المجتمع لكسب العيش ولا يستطيعون الاستغناء عنها للمعيشة، وتطلب في المشاريع العمرانية بالمستوى الأساسي والصناعات الثقيلة والخفيفة، ويحتاج إليها رب المنزل، ومالك العمارة والمجمعات السكنية وشركات الخدمات الشاملة.
وهذه المهن مثل الدهانة، السباكة، النجارة، الحدادة، الأعمال الكهربائية والبناء وأيضاً تعتبر منها قيادة سيارات الأجرة العامة وحافلات النقل العام والخاص والمرشد السياحي والخياطة، وأيضاً منها الميكانيكي وصيانة التكييف والتبريد وصيانة الأجهزة والإلكترونيات وفني الحدائق والمزروعات. بمعنى آخر مهن خفيفة ومرتبطة ومتلاصقة مع الاقتصاد ومؤثرة على المجتمع.
وتلك المهن، حصرتها وعرفتها الدول المتقدمة والنامية في أنها كل مهنة تعود بالنفع العام على المواطن وللمواطنين والاقتصاد إذ إن الحاجة إليها يلزم التنظيم على المستوى الفردي لتقوي وترسخ مقومات الاقتصاد والاستقرار والنمو.
العنصر الأساسي في تلك المهن الخفيفة هو الإنسان الذي يتمحور عليه وبه أداء الخدمة والجودة والنوعية والأمانة والمصداقية والحقوق والحرفية للمهنة.
ولأهمية تلك المهن على نطاق الاقتصاد العام للدول وضعت اللوائح والتنظيمات ورسم الأسلوب للعمل والتعامل بها. وكان الناتج هو ترخيص لمزاولة المهنة الخفيفة - يصرح بها للأفراد للتعامل بالمهنة.
الهدف الرئيسي لتراخيص مزاولة المهن الخفيفة هو متابعة ومعرفة جودة ونوعية الخدمة التي تقدم بمقابل مادي (لأدراك تلك الدول والمسؤولين أهمية ومعنى المال) إذ إن المال مقياس جهد وفترة عمل وإنجاز من حياة الإنسان هو زمن من الجهد الناتج من التخطيط للأعمال التنفيذية والحقوق المالية لكل من هو داخل الحلقة التي تدور حولها هذه الأعمال الشريفة لكسب العيش.
ترخيص مزاولة المهنة للمهن الخفيفة يحافظ على جودة الصناعات جميعها، صناعة البناء والتشييد، والصناعة العقارية، وصناعة الخدمات، وصناعة السياحة دون أي استثناء لأي صناعة.
يقدم نظام ترخيص مزاولة المهن الخفيفة دورة اقتصادية إيجابية مبادئها معرفة حقوق المستفيدين من تلك الخدمة والحقوق الخاصة بمقدمي الخدمة، وكي يحصل الفرد على ترخيص لمزاولة مهنة خفيفة (دهان، أو سباك مثلاً) عليه أن يتبع عدة خطوات متتالية الأولى فيها الحصول على تدريب على تلك المهنة لفترة لا تقل عن أسبوع مقابل مبلغ مالي معقول (مراكز تدريب مراقبة)، ويكون التدريب مستدركاً لأهم جوانب العمل وهي الحقوق المدنية وحقوق الدولة والمستفيد وحق المهني على من يتظلم وإتقان أسلوب المهنة بجودة عالية.
ويحدد الترخيص كل سنتين أي أنه لا بد أن يحصل على تدريب كل سنتين لوزنية عمله وتأكيد أدائه وتجديد الأسلوب العملي مع تطور الصناعة، ولا يستطيع المهني الحاصل على الترخيص العمل وتقديم الخدمة إلا من خلال محل أو مؤسسة مرخص لها مزاولة النشاط التجاري.
هكذا تتعامل الدول مع تلك المهن بهدف أساسي هو الاعتماد على نظام يحق الحق من مزاولة المهنة ويرفع شأن الإنسان وفخره وعزته بعمله. إن لكل شيء في الكون نظاما يسير عليه، وكذلك الحياة اليومية العملية والاقتصادية والاجتماعية لابد لها من نظام متوافق مع تطورات العصر ومتغيراته كي يسير عليه أفراد المجتمع.
نجد أنواعاً كثيرة من البشر، نجد القوي والضعيف، نجد الغني والفقير، نجد القائد والتابع، نجد المبدع والمقلّد، نجد صاحب البصيرة وفاقدها، نجد المتعلم والمثقف، نجد الأمين والقادر ونجد المتقن والصادق ونجد ذوي العزم والهمّة، ويعمل جميع البشر بما تملي عليهم نشأتهم وتربيتهم، ومن خلال ترخيص مزاولة المهنة يتم وزن قيم العمل بما يتوافق مع الرؤى والحاجة إلى الإنسان والوطن.
الفصل الثاني:
كيف نستطيع أن نطبق هذا البرنامج الحضاري المحافظ على إرث الأرض والدولة والمواطن؟ ومتى؟
الإدارة الجيدة تتطلب مديرا جيدا، والمدير الجيد هو المدير المبدع، الإداري القادر على الخروج من المآزق المستمرة التي يعاني منها قطاعه، الحاجة الدورية الفورية الملحة للبنائين القادرين على إقامة المصانع والموانئ والمطارات والمؤسسات التنموية والاقتصادية هو توافر الطاقات الإدارية القادرة على حشد الموارد البشرية لتحقيق أهداف محددة في فترة زمنية محددة.
الإدارة ليست كلاما مرسلا، بل علما قائما بذاته يتطلب القدرة على معالجات مختلفة لشؤون مختلفة لكنها عملية واحدة (الإدارة) في السياسة والاقتصاد والخدمات وكل نشاط آخر، وغرضها النهائي انتقاء السياسات والقرارات المناسبة من بين البدائل المتاحة، وتحويلها إلى أهداف مرحلية يمكن تقييم نتائجها بدقة قياساً على الأهداف المحددة سلفاً من الرؤية والخطة الموضوعة لتلك الأهداف. كل الجهد الإداري يجب أن يكون مكرساً لتحقيق تلك الأهداف وخدمة المستهدفين منها، وما لم يحدث ذلك فإن الإدارة لن تدير نفسها، وستتحول إلى روتين وهدر وضياع للوقت والجهد والطاقات والموارد وسنردد كلنا معا: إنا لله وإنا إليه راجعون، مع السلبيات والضجر في لغط حديث العامة.
في حين أن الوصول إلى قناعة بالروتين تكون جزءا من معضلتنا فتتحول الكثير من هذه القرارات إلى اتجاه لا يمثل خدمة مصالح المواطنين والحاجة الفعلية وتحسين الأحوال الاقتصادية والمعيشية وإرضائه والبعد عن متطلباته.
إذا أردنا الانتقال إلى مرحلة جديدة ملحّة على التطور والنمو والجودة في الأداء والانتقال من مرحلة إلى أخرى وتحقيق النجاح، يجب أن نكون مستعدين لممارسة الدرجة المناسبة من الإدارة والابتكار والإبداع والإرادة والحزم والإلحاح لمساندة وقف الهدر المالي من جراء ضعف وتقليل قوة تأثير المهنة مع استمرارية التعامل مع المهنة من خلال منظور قديم بال إذ إن الحاجة هي العمل على ظهور برنامج تراخيص لمزاولة المهنة الخفيفة.
تفاعلنا وتحدثنا كثيراً عن الإنتاجية وزيادة الأداء والتميز في تقديم الخدمة ووضعت الندوات والاجتماعات في جوانب المعمورة، لكن لم نر زيادة في الإنتاج والجودة، ولم نر من التحسن ما يكفي الحاجة الأولية، وفي حين أن الخطط التي وضعت تدعو وتحث على ذلك، لكن لم يحدث شيء. لماذا ؟ لأننا لم نطور أنفسنا وأدواتنا وإدارتنا بالسرعة المطلوبة وكي تكون الإدارة منتجة لابد لها من تطبيق مبادئ الإدارة الحديثة وتحديد معايير التطوير الإداري وسرعة تعديل التشريعات والأنظمة المنظمة للعمل المهني، وإذا طبقت هذه المعايير في صورة صحيحة يمكن أن تضمن تحقيق نجاح ملموس وإيجابية بالرضى على مستوى العنصر والفرد والمؤسسة والدولة.
حين ما يطلق عنان المبدعين من خلال التوجيه للدوائر الحكومية والقطاع الخاص للاستفادة من معايير الجودة في البرامج التنظيمية وعناصرها ومتطلباتها، وتطوير أنظمتها وتحسين خدماتها وتنمية مكامن قوتها وتلافي سلبيات الأداء لديها وسرعة إحلالها بإيجابية وسلاسة التطبيق، تكون واقعية قابلة للتنفيذ، مما يعني ضمان أن تكون الأهداف والبرامج واقعية والقدر قابلة للتنفيذ، لأن الأهداف الحالمة والأمنيات والرغبات التي ليس لها علاقة بالواقع ليست في نطاق الأهداف والإصلاح التي يجب أن يفكر فيها، أما الواقعية منها يجب أن تحول إلى برامج عمل ذات تنظيم مناسب بإشراف مهنيين مناسبين وتخضع هذه البرامج والقائمون عليها إلى التقييم والمتابعة والمساءلة للتأكد دائماً من أن سرعة التطبيق تستجيب لسرعة تحرك الحاجة والمؤشرات الاقتصادية المتغيرة والاقتصاد الجديد.
تنظيم مزاولة المهن الخفيفة أمر مُلح و ذو أهمية مساندة لرضى المواطن عن موطنه، والعامل عن عزمه، والمستفيد من الخدمة عن ماله وإرثه.
ومين لابنك غيرك؟ ابن وعمّر أرض بلادك بكرة الخير لك ولأولادك... الفتى ابن المواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي