التايم شير.. وضرورة الحذر من الاستغلال
<a href="mailto:[email protected]">yafarraj@hotmail.com</a>
صدر قرار مجلس الوزراء السعودي يوم الإثنين الماضي الموافق 18/8/1427هـ بالموافقة على نظام المشاركة بالوقت, وصدر بموجبه مرسوم ملكي, وبهذا تنتهي الدورة التنظيمية "التشريعية" لهذا الموضوع والتي تبدأ ككل الأنظمة في المملكة بصياغة المشروع المبدئي من قبل الجهة المختصة بذات الموضوع, ومن ثم رفعه إلى مجلس الوزراء والذي بدوره يحيله إلى الذراع القانونية له "هيئة الخبراء"، وهي تقوم ببعث نسخ من المشروع إلى الوزارات والجهات المختصة للإفادة عن ملحوظاتها ومقترحاتها حياله, ومن ثم جمعها مع دراسة المشروع من قبل لجنة متخصصة في هيئة الخبراء ممثلة من قبل الجهات الأكثر ارتباطا واعتناء بالموضوع, وبعد انتهاء اللجنة من دراسة المشروع وفقا للسياسات العامة للدولة والموافقة عليه يتم بعثه إلى مجلس الشورى للتصويت عليه, ومن ثم إعادته إلى مجلس الوزراء مع الملحوظات والاقتراحات - إن وجدت, ويقوم مجلس الوزراء بصفته التنظيمية " التشريعية " بدراسة المشروع وإصدار قرار بشأنه ويتوج هذا القرار بمرسوم ملكي ثم يأخذ طريقه للنشر في الجريدة الرسمية "أم القرى", والعمل به بعد دخوله حيز التنفيذ.
يسمى النظام المشار إليه اختصارا بـ "التايم شير" أو "المشاركة بالوقت" أو "الملكية المتعاقبة", وقد اشتهر من الأدوات الاستثمارية الآخذة بنظريته وأحكامه: "صكوك الانتفاع", والتي انتشر العمل بها أخيراً في المملكة، لاسيما في منطقة مكة المكرمة, ولا بد من الإشارة هنا إلى أن فكرة هذا النظام معمول بها منذ مدة في عدد من الدول الغربية والعربية, كما جرى العمل بها في المملكة قبل صدور النظام, وبسبب غياب الأحكام المنظمة لهذه العقود فقد حصلت الكثير من الإشكالات والتجاوزات, كما تورط البعض مع بعض الشركات الوهمية التي باعت لهم سرابا, وذهبت بأموالهم ولم تعد سواء كان المبيع داخل المملكة أو خارجها, ومن حسنات النظام - حسب مشروعه - إلزامه الشركات العاملة بهذه الصيغة "المشاركة بالوقت" بتصحيح وضعها وفقا لأحكامها.
تستند فكرة النظام إلى نظرية الإجارة " بيع المنفعة "حيث يقوم البائع" الشركة" المرخص لها بهذا العمل ببيع حق الانتفاع من وحدة عقارية محددة لمدة معلومة من سنة أو سنوات محددة إلى المستفيد, والجديد في هذه الصيغة الفارقة لها عن صيغ الإجارة الأخرى هو عدم الحاجة لتحديد بداية الإجارة ونهايتها بل قد يكون في أي وقت من المدة الكاملة والتي حددها النظام السعودي حسب مشروعه بما لا يقل عن ثلاث سنوات, إلا أن المدة المباعة معلومة عددا للطرفين, كما أن مجموع المستأجرين "المشترين لكامل المنفعة" يشتركون بملكية الانتفاع من كامل منافع الوحدة العقارية ويبقى دور البائع في الإشراف وإدارة هذه الوحدة.
وليس في القواعد الشرعية والمبادئ الفقهية ما يمنع مثل هذه الصيغة كونها مكتملة الأركان والشروط ومنتفية الموانع المبطلة للعقود, وقد يشكل على البعض: عدم تحديد بداية الإجارة ونهايتها, ويظن أن في ذلك جهالة مبطلة للعقد وهذا توهم في غير محله لأن الجهالة ترتفع بذكر عدد الأيام المباعة منفعتها, وإن قيل إن أيام السنة ليست واحدة في الرغبة والطلب فهو صحيح, لكن غالب أيام السنة متشابهة وأما الأيام المرغوبة فهي تختلف في أسعارها, وكل ذلك يبين في الأوراق والمستندات والعروض التي تقوم بها الشركات ذات العلاقة.
ولا بد ونحن نتحدث مبتهجين بصدور هذا النظام أن نحذر وننبه احتمالية استغلال بعض الشركات هذا النظام بالتسويق لعقود لا تتوافق مع أحكامه, من مثل: بيع منفعة وحدة عقارية على أكثر من شخص بما يفوق المدة الفعلية تأسيسا على احتمالية تخلف البعض عن الانتفاع من مددهم, وتأخر الشركة عن القيام بدورها في الإشراف والإدارة والصيانة, ومبالغة الشركات في فرض رسوم على المشترين على أعمال بسيطة, وغيرها من التجاوزات التي ظهرت في بعض الدول المجاورة.
وللعمل على إلزام الشركات بحسن التطبيق وجودة وكفاءة تعاملها مع المشترين فلا بد من أمرين, الأول: تثقيف العموم بأحكام النظام وتحذيرهم من التجاوزات الأساسية, الآخر تفعيل دور اللجان المتخصصة في متابعة تطبيق النظام واللجان المخولة بفرض العقوبات, وهذه مسؤولية الجهة المناط بها تطبيق النظام.
وسيكون لي عودة للحديث عن أحكام النظام بالتفصيل بعد نشره في الجريدة الرسمية - إن شاء الله -.