الوصاية بين "قم صلِّ وليل طويل"؟!
يُحكى أن سيدة يعيش معها في منزلها ابنها المتزوج وابنتها المتزوجة، وتقول الحكاية إن تلك السيدة عندما تمر أمام غرفة ابنها وهم في أول الليل، أو كما نقول في وقتنا الحالي قبل الساعة الحادية عشر مساءً تبدأ ترفع صوتها بقولها "قم صل" وهي بذلك تدعوه إلى القيام لأداء صلاة الفجر علماً أن ذلك في فترة الشتاء وصلاة الفجر في ذلك الوقت نحو الساعة الخامسة صباحاً أي أنها ترغب من ابنها أن يبدأ الاستعداد لتلك الصلاة قبل موعدها بست ساعات كاملات، الهدف ليس أداء الصلاة فقط وإنما إخراجه عن زوجته والتنكيد عليهما، يقابله في الغرفة الأخرى أخته التي تعيش مع زوجها في منزل والدتها، وتذكر الحكاية أن تلك السيدة عندما تكون أمام باب غرفة ابنتها وزوجها وهي في طريقها لأداء صلاة الفجر بعد الأذان بأكثر من ساعة تقول لهم "ليل طويل" والهدف من ذلك ترك ابنتها مع زوجها في فراش الزوجية دون إزعاج.
إن رواية هذه الحكاية وإيضاح الموقفين المتضادين لتلك السيدة مع ابنها وزوجته في مقابل ابنتها وزوجها يذكرني بمواقف بعض الأشخاص سواءً أفرادا أو مسؤولين المستعجلة في الوقوف ضد أي تنمية أو تطوير أو غرس لمبادئ حب الوطن والانتماء له فتراهم يندفعون خلف أي خبر مهما كان صغيرا بالشجب والاستنكار ومهاجمة الآخر والادعاء بالوصاية عليه والحرص على إصلاحه حتى وإن كان ذلك الآخر أكثر إصلاحاً وصلاحاً من الكثير منهم ولكن الاعتقاد الخاطئ والاندفاع الأعوج والخوف غير المبرر للكثير من الأشخاص الذين نعتقد فيهم الخير، يقابلهم في الجهة نفسها مجموعة من الأشخاص الذين يسعون فقط لإشاعة إلى إشاعات والإساءة للجهود لاعتقادهم أن مثل هذه الإشاعات ضد الإنجازات التي يقوم بها بعض الأفراد أو المناطق والنظر إلى أن أي تصرف هو تصرف سيء بينما الإنجاز نفسه أو الاحتفال يقام في أماكن أخرى لا يجد أي معارضة له بل الأمر كما هو الحالة مع تلك السيدة بقولها "ليل طويل" لابنتها وزوجها هو مباركة ذلك الاحتفال حتى وإن كان فيه شيء مما يحذر منه.
صدق الله القائل: "يا أيها اللذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".
إن الانطلاق بالحكم على خبر ينقل في جريدة أو برسالة جوال أو بمعلومة إنترنت دون التأكد من صحته واتهام الآخرين بالإهمال أو عدم الحرص أو غيره من الأمور التي يجب أن نترفع عنها وأن لا يدخلنا ذلك في صنف الفاسقين الذين يطلقون الأنباء والأخبار دون تحقيق وتدقيق.
إن المأمول ممن يوثق ويثَق في عقله ودينه وأمانته وخوفه من أن يكون من النادمين، هو التأكد من الأمور المعروضة عليه وسؤال الجهة أو الأشخاص المعنيين بالأمر قبل الشروع في الرفض والاعتراض والهجوم غير المبرر واتهام الآخرين بما ليس فيهم، إن العتب على مثل هؤلاء الحريصين على الحق وقول الحق والعمل بالهدوء والدعوة الصادقة وصــــدق الله القائـــــل: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
لقد جاءت كتابة هذا المقال بعد خبر بسيط جاء بشكل خاطئ وآمل من الله سبحانه وتعالى أن لا يكون كاتبه يهدف به قصدا غير أنه خطأ معلومة، الخبر هو أن احتفاء واحتفال منطقة عسير بقدوم سمو ولي العهد يتضمن حفلا غنائيا يشارك فيه الفنان محمد عبده مع فتاة وبناءً على هذا الخبر تم الاعتراض وإرسال الرسائل والبرقيات والفاكسات لكل مسؤول للاعتراض على ذلك ولو كلف أحد الإخوة المرسلين هذه الفاكسات واتصل بالمسؤولين عن التحضير للحفلة لوجد أن الأمر غير صحيح خصوصاً أننا نعلم جميعاً حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على كل ما يهم المواطن وأن هذا الاحتفال والاحتفاء والفرح بقــدوم ولـــي العهد لا يمكن أن يخرج أبداً عن هذا الحرص والاهتمام خصوصاً وأنه سلطان بن عبد العزيـز عضيد خادم الحرمين الشريفين ومنفذ سياساته وتوجيهاته الخيرة لجميع أبناء وبنات المملكة.
لقد جاء الاحتفال والاحتفاء بسمو ولي العهد على مستوى الحدث وحب المنطقة له ولم يخرج أبداً عن مسار النهج الصحيح لحكومة خادم الحرمين الشريفين ولهذا فإنني أرى أن من أدب الاعتراض واختلاف الرأي هو اعتذار من أســـاء التصرف وادعى بحدوث ما لم يحدث إلى من أُسيء إليه أميراً ومسؤولين ومنطقة، وأن يجعلنا مثل هذا الحادث لا نلتفت أبداً لمثل هؤلاء الغوغائيين المندسين بيننا المعتقدين أنهم أوصياء علينا بما ليسوا أهلاً له وبه، كما أرجو من عقلائنا ممن تسرعوا بالاعتراض الاعتراف بالخطأ والاستفادة من ذلك بتوخي الحذر من المرجفين والتأكد من المعلومة قبل الاندفاع والانفعال خلفها، خصوصاً وأن وسائل الاتصال والتواصل اليوم لا تعطي عذراً لأحد من التأكد والتثبت من أي خبر.
إن المطلوب أيضاً من إخواني مراسلي الصحف بشكل عام ورؤساء ومديري التحرير بشكل خاص انطلاقاً من مسؤوليتهم العظيمة والأمينة عن نقل الأخبار هو الحرص على صحتها والتأكد من مصدرها وعدم إعطاء المندسين بينهم الفرصة للإساءة للجهود والإنجازات مهما صغرت.
إن الاهتمام بمبادئنا الإسلامية السلمية ثم بتأصيل الوطنية والانتماء للوطن والولاء لولاة الأمر هي الرسالة التي حملتها أنشودة ولي العهد وبما يتفق مع لغة العصر وثقافة الشباب ولهذا فإنني أناشد كل محب لهذا الوطن ولولاة أمره أن يحصل على نسخته ويستمع ويشاهد الحفل وله أن يحكم بعد ذلك وإذا كان حب الوطن وولاة الأمر فيه من المخالفة شيء كما يرى المرجفون فإنني اُعلن لهم أنني من أولئك المخالفين، والله من وراء القصد.
وقفة تأمل:
" يــــقاس المــــــــــــــرءُ بالمـــــــــرءِ إذا مــــــــا هــــــو ماشـــــاهُ
وللقلــــــــب علــــــــى القلـــب دليـــــــلٌ حــين يلــــــــــقاهُ
وفي العـــــــين غنى للعــــــــين أن تنطــــــــــق أفـــــــــــــــواهُ ".