Author

جدولة الاكتتابات ورقم الحساب الموحد

|
<a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a> أعلنت هيئة السوق المالية عن جدولة جديدة حددت من خلالها مواعيد الاكتتاب في أربع شركات مساهمة تأتي في مقدمتها شركة إعمار السعودية (المطور لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية) وهي سابقة تحسب لهيئة السوق المالية التي بدأت بالفعل في العمل وفق استراتيجيات محددة ومعلنة تكفل الشفافية والوضوح في تحديد المواعيد وتُجَنّب سوق الأسهم السعودية ردات الفعل العنيفة التي عادة ما يصطنعها كبار المضاربين من أجل التأثير في سوق الأسهم السعودية. قطعا لن يمنع الإعلان الجديد التأثيرات السلبية التي عادة ما يحدثها الطرح الأولي، لكنه سيساعد كثيرا على تفريغ الشحنات النفسية المتراكمة التي زرعها كبار المضاربين في نفسيات المتداولين. دأب كبار المضاربين، ولسنوات خلت، على استخدام ورقة الاكتتابات الجديدة كعامل ضغط على سوق الأسهم ونفسيات المتداولين، محققين من وراء ذلك المكاسب الضخمة التي أغرتهم على الاستمرار في ترسيخ مشاعر الخوف والرهبة لدى المتداولين. يركز المضاربون كثيرا على عامل السيولة، وتأثير الاكتتابات الجديدة فيها، وهذا لا خلاف عليه البتة، فالاكتتابات الجديدة تعمل على سحب جزء من سيولة المستثمرين، إلا أنها تبقى ضمن الحدود المعقولة التي يفترض ألا يكون لها ذلك التأثير الكبير في مستوى التداول، بعكس عملية طرح أسهم تلك الشركات في سوق التداول، فهذه ربما يكون لها التأثير الأقوى على اعتبار أن سيولة المستثمرين ستتوجه نحو الشراء في الشركات الجديدة، خصوصا الواعدة منها، كما حدث في شركة ينساب على سبيل المثال. وبالعودة للاكتتابات الجديدة، نجد أن مجموع السيولة المطلوبة لتغطية الاكتتابات على مدى أربعة أشهر قادمة هي في حدود سبعة مليارات ريال سعودي، وهو رقم يسهل توفيره خارج محيط سوق الأسهم، خصوصا إذا ما اعتمدنا التوزيع المنطقي لعدد المكتتبين الذي يقرب من ثمانية ملايين مكتتب، ثم ربطنا ذلك بالحد الأدنى للاكتتاب وهو 50 سهما للفرد الواحد. بمعنى آخر أن حصة التغطية للفرد الواحد لن تزيد على ألف ريال، خلال الأشهر الأربعة المقبلة، وهو مبلغ ضئيل جدا لا يقارن تأثيره الفعلي بالتأثير النفسي الذي يزرعه كبار المضاربين في سوق الأسهم، وفي نفسيات المتداولين. بقي أن نقول إن المبالغ المستثمرة في الاكتتابات الجديدة ستخلق أرباحا مجزية للمكتتبين الذين سيعيدون تدوير جلها في سوق الأسهم. من هنا يمكن القول إن الجدولة، والإعلان المبكر لمواعيد الاكتتابات المقبلة سيخلقان جوا من الارتياح النفسي لدى المتداولين، وربما أدى إلى تقليص حجم التأثير النفسي الذي يستخدمه كبار المضاربين بحرفية متناهية، كما أنه سيساعد صغار المستثمرين على توفير الأموال اللازمة لمواجهة الاكتتابات المقبلة بطريقة منظمة تبعدهم عن اتخاذ القرارات الفجائية. بقي أن نشير إلى المحور الأهم في عملية الإفصاح عن جدولة الاكتتابات التي أعلن عنها رسميا يوم الإثنين الماضي، وهو المحور المتعلق بسرية المعلومات في مراحل الإعداد واتخاذ القرار. فمنذ نهاية الأسبوع الماضي، كانت هناك تحركات غريبة لكبار المضاربين أدت إلى رفع الأسعار بطريقة فجائية، وحققت بعض أسهم شركات المضاربة النسب القصوى دون أسباب منطقية، وهو ما ساعد كبار المضاربين على تصريف جزء لا يستهان به من أسهمهم قبل نهاية الأسبوع. استمر البيع (التصريف) خلال يومي السبت والأحد الماضيين، ثم بدأت السوق في التراخي مساء الأحد واستمرت على ذلك المنوال حتى يومنا هذا بعد أن كسر المؤشر حاجز 12000 نقطة بكل يسر وسهولة، وهو ما أدى بالمتداولين إلى الاعتقاد بتسرب مواعيد الاكتتابات الجديدة إلى كبار المضاربين قبل الإعلان الرسمي عنها. لن نتهم أحدا، ولكن ننقل ما يتحدث به الآخرون، خصوصا الذين أحسوا بالغبن والخديعة بعد أن خسروا جزءا لا يستهان به من مدخراتهم. عودا على بدء، فجدولة الاكتتابات تدخل ضمن الإطار الاستراتيجي للسوق الأولية (سوق الإصدار) وهو ما يقودنا إلى إعادة طرح اقتراح حساب "الاكتتاب الموحد" الذي سيساعد على حل المشاكل التي يواجهها المكتتبون في حالة عدم مشاركة البنوك جميعها في الطرح الجديد، كما حدث في شركة الصحراء للبتروكيماويات، وشركة الورق وغيرها من الشركات التي أقتصر الاكتتاب فيها على عدد محدد من البنوك السعودية. حساب الاكتتاب الموحد هو عبارة عن حساب وسيط يمكن استخدامه لتسوية المدفوعات المتعلقة بعملية الاكتتاب، ويسمح للبنوك مجتمعة بإمكانية الوصول إلى هذه الحسابات آليا من أجل خصم قيمة الاكتتاب. حساب الاكتتاب يعطي المستثمر حرية تامة في تنفيذ عملية الاكتتاب آليا أو من خلال تقديم طلب الاكتتاب إلى أي من البنوك المشاركة في عملية الاكتتاب، دون الارتباط بالجهة التي يوجد فيها حساب المستثمر. بهذه الطريقة لن يضطر المستثمرون للتنقل بين البنوك من أجل فتح حسابات متكررة لغرض الاكتتابات، وستحل كثيرا من مشكلة رفض البنوك المشاركة في عمليات الطرح المحدودة، فتح حسابات مؤقتة للمستثمرين ما يعني خسارة المواطنين لحق الاكتتاب. أخيرا، نتمنى من هيئة السوق المالية أن تنظر في إمكانية تخفيض الحد الأدنى للاكتتابات المقبلة، خصوصا أن متوسط الأسهم المخصصة لا يزيد في العادة على 40 في المائة من الحد الأدنى للاكتتاب، وذلك مراعاة لظروف الأسر الفقيرة التي لا تستطيع تغطية اكتتابات الأبناء جميعا، فتضطر إلى استبعاد بعضهم، أو بيع حق الاكتتاب للآخرين بسبب عدم توافر السيولة الكافية لديها. ما زلنا ننتظر الكثير من هيئة السوق المالية، بالرغم من النقلة النوعية التي أحدثتها خلال الأشهر الماضية، خصوصا فيما يتعلق بالاستراتيجيات المتكاملة التي ستكون القاعدة الأساسية التي تكسب السوق المالية القوة والمتانة، بإذن الله.
إنشرها