من خارج الأسوار
<a href="mailto:[email protected]">Bader1001@yahoo.com</a>
في مقال الأسبوع الماضي كتبت عما يمكن أن تقدمه جامعتا الرياض لمدينة الرياض وأهلها من خلال تحويل مساحات الأراضي الشاسعة التي تمتلكانها إلى حدائق عامة يستفيد منها طلابها والعاملون فيها وعموم سكان المدينة دون أن تتحملا أي تكاليف مادية أو أن تتنازلا عن ملكيتهما لتلك الأراضي. إن مثل هذه الاقتراح يمكن أن يعمم على الكثير من الممتلكات الحكومية الموجودة داخل المدن وعلى أطرافها, فالكثير من المباني الحكومية تضم داخل أسوارها مساحات كبيرة من الحدائق التي لو حررت من أسوارها لأضفت جمالاً رائعاً على المدينة ولتمكن السكان من الاستفادة من تلك الحدائق كمتنزهات هم في أمس الحاجة إليها. إن ثقافة ألأسوار التي ابتدعناها أخيرا جعلت مدننا تبدو وكأنها قلاع محصنة وحرمت مدننا من الأماكن العامة التي تنبض بالحياة وتنمي لدى السكان الإحساس بانتماء ولدى الجهات الحكومية الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، إضافة إلى استغلال موارد البلد الاستغلال الأمثل بما يعود بالنفع على المواطنين. إن مدينة كالرياض وهي مقر للكثير من المؤسسات الحكومية قد قدمت الكثير لتلك المؤسسات وتنازلت عن الكثير لها وتحملت أعباء كثيرة بسببها بدءا من تقديم الخدمات البلدية إلى تقديم الشوارع والأرصفة كمواقف لسيارات موظفيها, إلا أن هذه المؤسسات لم تفكر يوماً في عمل ولو القليل للمدينة وسكانها ولا حتى محاولة منع الأذى عن جيران تلك المباني. إن من يسكن بالقرب من دائرة حكومية أو يملك أو يستأجر عقاراً بالقرب من تلك الدوائر لا بد أنه قد عانى ويعاني كل يوم من عدم الاحترام لحقوقه من قبل العاملين والزائرين لهذه المؤسسات. إن موضوع احترام الحقوق وعدم التسبب بالضرر للغير هو موضوع مهم يجب أن يعطى حقه من النقاش بين العامة والخاصة، ولكن المقال ليس عن هذا الموضوع الشامل وإنما للتقدم باقتراح للأمانة لمطالبة تلك الجهات الحكومية بتحرير حدائقها من أسوارها وفتحها أمام السكان مقابل السماح لتلك الجهات بتأجير أجزاء من تلك الحدائق كمطاعم أو مقاه يساعد دخلها في تكاليف الصيانة ويضيف للمدينة أماكن ترويحية على مستوى عال من الخدمة تحيط بها الأشجار والورود, وأن يكون مبنى إمارة مدينة الرياض والساحة المحيطة به هو القدوة للمباني الحكومية التي فضلت الاستحواذ على مساحات شاسعة وحدها وإبقاء المواطنين خارج الأسوار.
إن أي زائر لمدن الدول الأخرى المتقدمة أو النامية لا بد له أن يلاحظ المباني الحكومية في تلك المدن والناس يتجولون في ساحاتها ويتظللون بظلال أشجارها, ولكن مبدأ تسوير المباني الحكومية وإغلاق حدائقها وساحاتها أمام العامة يكاد يكون من خصوصياتنا التي لا تكسبنا أي تميز عن الغير، بل قد تكون سبباً في جعلنا لا نحسن استخدام مواردنا ونتخلف عن ركب التقدم.