أغنياء ماديا.. فقراء فكريا
<a href="mailto:[email protected]">khalid@kaljarallah.com</a>
بعض التجار والهوامير يمتلكون الأراضي ويبقون عليها جامدة ينتظرون أن تصل أسعارها إلى مبالغ خيالية ثم يفكرون في بيعها، لا يهمهم المنظر العام لهذه الأراضي وهي تشوّه الصور الجمالية لأهم مدننا ولا يفكرون في استغلالها وتطويرها بمشاريع تعود بالفائدة على الجميع ناسين أو متناسين أن الحصول على "الكاش" واستثماره أفضل وأجدى من تركها أرضا جامدة لعدة سنوات ودفع زكاتها ـ إن كانت تدفع ـ مع ضياع الفرص البديلة. وشركات تبيع الأراضي والمخططات وتتباهى بأنها رائدة التسويق العقاري وأخرى تخطط أرضا وتوصل لها ربع الخدمات وتدعي أنها الأفضل في مجال التطوير، وشركة أو مكتب برتبة مكتب عقاري ترى أنها الأميز في الاستثمار العقاري، وهي تبيع قطع الأراضي وتؤجر الشقق السكنية من أجل السعي. شركة أو أفراد يجمعون أموال المساهمين ويستثمرونها في قنوات أخرى ويماطلون ويتعمدون التأخير ويتلاعبون بمشاعر المساهمين ويدعون أن التعطيل من بعض الجهات الحكومية ويتمادون في ذلك. وهناك فئة أخرى لديها المال وتفتقد الفكر الاستثماري، وبالذات العقاري، وهذا ليس عيبا، فالفكر يمكن شراؤه والكفاءات يمكن استقطابها وتحفيزها والاعتماد عليها بعد الله ـ سبحانه وتعالى ـ ولكن أن نملك المال وندعي القدرة على صناعة العجائب واتخاذ القرارات الفردية وتوظيف من يفتقدون الخبرة والفكر الاستثماري الجيد بهدف تنفيذ الأوامر، فهنا تكمن المصيبة التي أودت بالكثير من المشاريع والاستثمارات إلى نتائج سلبية وأصبحت مشكلة ومأزقا يصعب الخروج منه وتكاليفه المادية والمعنوية أكبر بكثير من الاستعانة بأصحاب الفكر والاختصاص منذ البداية مع النجاح المتوقع.
اليوم وغدا ستتجه الأنظار نحو مشاريع الإسكان لأن الطلب سيكون كبيرا على هذا القطاع وسنرى العجب العجاب في هذا المجال سواء من المكاتب الهندسية أو شركات المقاولات أو الشركات العقارية التي ستصبح من مبدعي الفن العاشر في مجال تصميم وبناء وتجهيز الوحدات السكنية والمجمعات الحضرية وملحقاتها، والكلام غالبيته حبر على ورق، والهدف هو الحصول على جزء ولو يسير من الكعكة وبأساليب ملتوية ورخيصة.
كل هذا يحدث ونحن أمام ثورة عالمية للاستثمار في صناعة العقار بجميع أشكاله والتطوير للمشاريع السياحية وتطوير المدن والبدء من حيث انتهى الآخرون، ومازلنا نرى الفكر التقليدي المغلف بإعلانات الإغراء ودغدغة المشاعر بصناعة الفرص واقتناصها وتوفير مسكن الأحلام وعش الزوجية ومسكن لكل مواطن وغيرها من العبارات الرنانة.
ولا يفوتني أن أشيد بالشركات والأفراد والمكاتب العقارية وشركات التسويق العقاري النزيهة التي تعمل بشفافية ومصداقية وحريصة على اسمها وسمعتها وعملائها بتقديم خدمات ومنتجات متميزة وإن كانت قليلة.