مركز الملك عبد الله المالي والنهج الجديد
<a href="mailto:[email protected]">Bader1001@yahoo.com</a>
تعيش المملكة العربية السعودية هذه الأيام طفرة اقتصادية جديدة لم تشهدها من قبل, حيث تشمل هذه الطفرة جوانب عديدة من الاقتصاد الوطني وتغييرا غير مسبوق من حيث الحجم والجودة والنوعية. إن من أكثر القطاعات تأثُراً بهذه النقلة سوف يكون القطاع العقاري الذي كان دوره في السابق دوراً تابعاً لعجلة التنمية، بحيث كانت المشاريع العقارية تنشأ لتلبية طلب قائم وملح على المباني لمختلف الاستخدامات سواء كانت سكنية, تجارية, تعليمية, صحية وخلافه, وقد نتج عن هذا الأسلوب في التطوير العقاري قصور واضح في جوده وكفاءة تلك المشاريع وذلك بسبب أن مطوريها لم يكن لهم نظرة مستقبلية لدور تلك المشاريع وإنما كان الهدف إنتاج مبان تسرع في سد احتياجات الطلبات المتراكمة وبأسعار محددة مسبقاً من قبل المستخدم, الأمر الذي أجبر الكثيرين من المطورين العقاريين على تجاهل الكثير من متطلبات الجودة في سبيل تقليل التكاليف. إن مثل هذا النهج في التطوير العقاري سوف يجد نفسه في القريب العاجل عاجزاً عن تحقيق أهدافه وضحية لمنهج جديد يعتمد على قراءة المستقبل الاقتصادي للمنطقة وما سيترتب عليه من احتياجات ومن ثم التخطيط لمشاريع متميزة تعتمد المعايير الحديثة لتلبية تلك الطلبات المتوقعة. لقد أدرك المطورون في بعض مدن الخليج مثل مدينة دبي أن المنهج القديم لا يمكن له أن يقود إلى النجاح وإنما هو صالح فقط لسد الحاجيات, ولذلك بدأت تستقرئ المستقبل وتخطط, ثم تبني مشاريع جبارة لم تكن لها حاجة ملحة في وقت البدء فيها ولكنها بسبب تميزها استطاعت أن تصنع الطلب بدلاً من أن تنتظر قدومه. في المملكة, تُعتبر مدينة الملك عبد الله الاقتصادية مثالاً قوياً لهذا النهج الجديد, فهي لم تأت لتلبية طلب قائم في مدينة معينة, بل جاءت برؤية ومشروع متميز تلته الطلبات من قبل المستفيدين والراغبين في المشاركة بالنجاح, وها نحن الآن نشهد مثالاً آخر لهذا النهج في التطوير العقاري وهو مركز الملك عبد الله المالي. إن هذا المركز- بما اتضح من معالمه حتى الآن - سوف يكون عتبة الصعود إلى مشاريع كبرى مماثلة يقوم بها القطاع الخاص, ولذلك فإن الشركات العقارية التي ستستمر في نهجها القديم سوف تجد نفسها في المستقبل القريب عاجزة عن المنافسة ولن يكون بمقدورها الاستمرار في تحقيق ما تعودت عليه من أرباح, بل قد تُجبر على الخروج من المنافسة كليهً إذا هي لم تتفهم ما هو قادم. إن الاجتماع الذي عقده الأمير سلمان بن عبد العزيز الأسبوع الماضي لمناقشة تفاصيل مشروع مركز الملك عبد الله المالي وما أشار إليه سموه من أن الرؤية المستقبلية لمدينة الرياض هي أن تكون مركزاً مالياً وتجارياً مزدهراً, لهو دعم كبير لهذه المشاريع التطويرية المتميزة ورسالة واضحة لمن أراد من المطورين العقاريين أن يستقرئ المستقبل ويكون في مقدمة الركب.