"يــكـفــي"

<a href="mailto:[email protected]">Bader1001@yahoo.com</a>

لقد تمكّنت الإدارة العامة للمرور هذا العام من استقطاب الكثير من الاهتمام لحملتها التي تهدف من ورائها إلى توعية المجتمع بشأن الخطر الكبير الذي تشكله الحوادث المرورية على أرواح الناس وممتلكاتهم وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام. لكن هذا الاهتمام- للأسف – كان مصدر أكثره امتعاض المواطنين والمقيمين من اللهجة الفوقية التي تحدثت بها الإدارة ومحاولة التنصل عن مسؤولية ما يحدث من إزهاق يومي للأرواح وتكرار مستمر للكثير من المآسي والأحزان. إن الشعار الذي اختارته إدارة المرور ( يكفي), كان المفترض به أن يكون اسماً لحملة موجهة للعاملين في إدارات المرور والمسؤولين في البلديات ووزارة النقل وجهات حكومية أخرى بدلاً من توجيهه لضحايا هذه المآسي التي لا حول لهم بها ولا قوة. إن افتراض إدارة المرور بأن باستطاعة الناس إيقاف هذا النزيف الدموي الذي يسيل كل يوم على شوارعنا, يحّول الأنظار عن المشكلة الحقيقية ويرمي بالمسؤولية على من لا هو مسؤول. تقول اللوحات المعلقة على إشارات المرور- مخاطبه السائقين- "الأرقام لك تحكي.. وبيدك القرار". كيف يكون بيد من فقد ابناً بسبب سائق متهور, قرار في ما حدث, ما القرار الذي يملكه من باغته سائق يسير بسرعة جنونية وقذف به إلى الهلاك؟, أي قرار هذا الذي يملكه طفل خرج من مدرسته ليتلقفه جنون مراهق ويرمي به أشلاءً على الطريق. إن المسؤولية في الحد من هذه الجرائم التي ترتكب بحق الأبرياء لا تقع على الضحايا ولا يمكن لأي مسؤول التنصل منها مهما كثرت المحاولات لإشراك الضحايا الأبرياء.
لقد كان الأولى بإدارة المرور أن تتعامل مع هذا الموضوع بشجاعة وشفافية وأن توضح للناس بأن عبارة "يكفي" هي موجهة لكل عامل في المرور ولكل مسؤول عن الطرق, وأن تعلن عن خططها لمواجهة هذا الخطب الجلل بكل مصداقية وبجدول زمني محدد وبمعايير يمكن قياسها. إن إلقاء المسؤولية كاملة على إدارات المرور في المملكة ليس من العدل في شيء, فهناك الكثير من الجهات الحكومية والخاصة التي تشاركها المسؤولية عن ما يجري. إن أّّّّهم مشارك للمرور في هذه المسؤولية هو المسؤولون عن تخطيط الطرق وتنفيذها وتشغيلها ممثلين بوزارة البلديات ووزارة النقل وفروعهما من بلديات وإدارات, ثم إن وزارة المالية قد تكون الأكثر تأثيراً من أي وزارة أخرى بسبب مقدرتها على توفير الإمكانات المالية والبشرية الضرورية للتصدي لهذا الأمر, كما أن بقية الوزارات مثل الصحة والتعليم ورعاية الشباب والغرف التجارية وجهات كثيرة أخرى يقع على عاتقها الكثير من المسؤولية رغم جهل بعضهم بها.
إنه مازال بإمكان الإدارة العامة للمرور تصحيح وجهة حملتها والتحدث عن هذا الموضوع المهم بكل شفافية والإفصاح للناس عن ما تنوي عمله لمواجهة هذا الخطر وتوضيح المعوقات وتحديد اللاعبين بكل مصداقية وأمانة, لأننا بدون ذلك لن نستطيع ولو التخفيف من حّدة المآسي وتراكم الخسائر. حفظ الله هذا البلد وأهله من كل سوء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي