الاكتتابات الجديدة .. 70:30 % أم 30:70 % من المستفيد؟

أربعة اكتتابات مقبلة نعيش حالياً أولها وهو اكتتاب مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وسياسة طرح الشركات الجديدة في السوق مطلب قديم, يتجدد مع ضخامة سوق الأسهم المحلية ويثار عند كل مناقشة عدد الشركات المدرجة في السوق, فأكبر سوق أسهم في المنطقة من حيث حجم التعامل والسيولة المتداولة فيها تتحكم فيها شركات محدودة لا تتجاوز عدد أصابع اليدين, وهذا الأمر يؤثر في استقرار السوق المحلية وعمقها, ويعكس عدم نضج السوق بشكل عام.
أجمل وأغلى هدية يمكن الاستمتاع بها من قبل أي رجل أعمال هي أن تحالفه الفرصة لتملك أسهم في شركة سيتم إدراجها في السوق, ولم لا فهو يحصل على فرصة ذهبية تزيد من ثروته أضعافاً مضاعفة, أما غير رجل الأعمال فقد تنقله هذه الفرصة من طوابير الدرجة السياحية والسيارات الصينية إلى صالات الطيران الخاص وسيارات ال بي إم دبليو دفعة واحدة, وكله بسبب إدراج السهم في السوق, هل تعي الهيئة هذه الحقيقة, هل تعرف قيمة موافقتها على إدراج شركة ما في السوق أو طرحها للاكتتاب العام وأن هذه الموافقة تغير ترتيب أصحاب الملايين؟

قيمة السهم لشركة ما .. خلال أسبوعين وهي مدة الاكتتاب تتضاعف من عشرة ريالات للسهم إلى ما يزيد على خمسة أضعاف وقد يكون أكثر, ليست الزيادة بسبب نشاط الشركة المتميز ولا بسبب إيراداتها المتنامية أو أرباحها الاستثنائية, كما أن هذه الزيادة ليست بسبب نشاطها الاحتكاري أو عقودها المستقبلية, ولكنه لسبب آخر أهم من ذلك كله .. فقد تم إدراج سهم الشركة في السوق, فقد صدر قرار هيئة السوق المالية بالموافقة على الإدراج.
ليست هناك أمثلة أكثر توضيحاً لهذه التجربة من بعض الاكتتابات، فقد حقق المؤسسون ثروة هائلة بين ليلة وضحاها, والمحظوظ من له في القوم ولد عم ليكون من ضمن قائمة المساهمين الذهبية الذين ستتضاعف ثروتهم بعد إقفال الاكتتاب وبدء التداول, ولن ننتظر طويلاً لنتحقق من التجربة الحالية التي نعيشها لمدينة الملك عبد الله.
في الوقت ذاته, لا يمكن أن نحرم المؤسسين من حقهم المشروع في الاستفادة من جهدهم وفكرهم ووقتهم وتمويلهم لتأسيس الشركة, وهذا الجهد غالباً ما يتم تقييمه وتضمينه مع مصروفات التأسيس التي يتم تعويض المؤسسين لها, ومع ذلك فالفكر والجهد يصعب معادلة قيمته بالمال, إذن فللمؤسسين الحق في الحصول على ما لا يحصل عليه غيرهم, ولكن لنكن منطقيين فسهم الشركة لم تتضاعف قيمته إلا بسبب موافقة الهيئة على طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام أو الإدراج, وبذلك فقرار الهيئة ومن بعده الطرح هو الذي تسبب (بعد توفيق الله) في مضاعفة قيمة السهم.
إذا اتفقنا على ذلك بالله عليكم أيعقل أن يحصل عامة المساهمين وهم من يزيد عددهم على عشرة ملايين مساهم على 30 في المائة من رأسمال الشركة, فيما يحصل ما يقارب 25 مساهماً على الجانب الآخر على 70 في المائة من رأس المال, أي عدل ومنطق هذا!! كيف يمكن قبول ذلك خاصة إذا عرفنا أن قيمة السهم لم تكن للتجاوز قيمته الاسمية إلا بعد سنوات ولن يتحقق ذلك إلا إذا نجحت الشركة في إثبات جدواها الاقتصادية وحققت ما هو متوقع منها من حيث الإيرادات والربحية ومستوى التوزيعات النقدية والنمو, ولكن واقع الحال وقرار الهيئة بالطرح والاكتتاب غيَّر الموازين ووضع كل ذلك في كفة ومساهمة العشرة ملايين مساهم في كفة أخرى, إنه العرض والطلب الذي يحكم السوق, وكلما قل عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب زادت قيمة السهم السوقية بعد الطرح والتداول.
وينطبق الأمر نفسه على الشركات التي يتم تحويلها من شركات قائمة إلى شركات مساهمة ثم يتم طرحها للتداول, فمع حصول الشركاء القدامى على علاوة الإصدار, واستفادتهم من تقييم الشركة بالقيمة العادلة فقد حصل الشركاء القدامى (المؤسسون) على حقوقهم المادية والمعنوية مقابل ذلك, وبالتالي فينطبق عليها ما ينطبق على الشركات الجديدة.
السؤال الذي لم أجد له إجابة مقنعة ومثلي العشرات, لماذا لا يطرح الجزء الأكبر من رأسمال الشركات للمساهمين لعموم المواطنين, ويحتفظ المؤسسون بـ 10 في المائة من أسهم الشركة, وتجاوزا ألا يزيد عن الثلث كحد أقصى والثلث كثير؟

<p><a href="mailto:[email protected]">falkassim@fincorpgroup.com</a></p>

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي