الشائعات في سوق الأسهم صناعة المحتالين

<a href="mailto:[email protected]">Fax_2752269@yahoo.com</a>

لقد استشعرت هيئة سوق المال خطورة الشائعات على سوق الأسهم بعد أن لاحظت أن كثيرا من المستثمرين الصغار يعتمدون عليها بشكل رئيس في تحديد قراراتهم الاستثمارية, وهذا ما جعلها تقرر القيام بحملة إعلامية كبيرة تحت عنوان (لا تكن وعاء للشائعات) حاولت من خلالها تحذير المستثمرين من الاعتماد عليها، إلا أن تلك الحملة وبالرغم من ضخامتها لم تستطع أن ترفع الوعي الاستثماري لشريحة واسعة من المستثمرين, والدليل على ذلك أن القنوات التي تستخدم لتسريب الشائعات لا تزال تحظى بحضور قوي من مجتمع المستثمرين سواء أكانت منتديات إنترنت أو رسائل جوال أو غيرها.
لذا لا غرابة أن يسعى المستفيدون من ترويج تلك الشائعات إلى كل السبل الممكنة لكي يضمنوا على الأقل استمرار الوضع على حاله، لأن ذلك سيجعلهم يحافظون على أرباح كبيرة يحصدونها من أولئك الذين ينجرفون لتصديقها وهم في الغالب من فئة الصغار.
ومن الطرائف أو الغرائب في عالم الشائعات أن شخصاً واحداً تمكن من خداع الآلاف من المستثمرين مدة طويلة بتقمصه 150 شخصية وهمية في أحد منتديات الإنترنت الشهيرة المهتمة بالأسهم والتي تحظى بمتابعة كبيرة من قبل المستثمرين. استطاع هذا الشخص أن يستخدم كل تلك المعارف دون أن يكتشفه أحد مدة طويلة وكان خلال تلك المدة يروج ويطبل لأسهم محددة عن طريق معارفه المائة والخمسين التي كان من ضمنها معارف نسائية.
لم أستوعب حتى اليوم كيف استطاع ذلك الشخص أن يكتب أشهرا طويلة بتلك المعارف دون أن يسقط في شر أعماله؟ وما هي حجم الأرباح التي جعلته يداوم على هذا العمل الشاق؟ وإلى متى سيظل كثير من المستثمرين الصغار ينساقون وراء التوصيات والمعارف في قراراتهم الاستثمارية؟
لديّ قناعة أن ظاهرة الأسهم الحالية ليست اقتصادية فقط بل هي اجتماعية في المقام الأول، لأن كثير من إفرازات هذه الظاهرة اجتماعية أكثر منها اقتصادية، ولعل هيئة سوق المال لم تأخذ تلك الإفرازات بعين الاعتبار عندما أصدرت لوائحها التي ستكون أكثر من رائعة في مجتمع غير مجتمعنا.
فعلى سبيل المثال كيف يمكن تفسير ما يسمى بالمجموعات (القروبات) أو التحالفات؟ أو الشائعات أو جمع الأموال بإحجام كبيرة وبسهولة بغرض الاستثمار في السوق؟ وكيف يمكن تفسير ظهور العشرات من منتديات الإنترنت أو صناعة المعارف ذائعة الصيت؟ وهل يمكن تفسير أن يقوم كثير من المستثمرين ببيع ما يملكون ويقترضون لكي يستثمروا في شائعة؟
أعود للشائعات لأقول إنها صناعة المحتالين الذين أعماهم الجشع وهم من تلك الفئة التي تستحل أموال محرمة بقصد أو بدونه، وهي ظاهرة خطيرة وآثارها تتعدى الحق الخاص إلى الحق العام في نظري، فإذا كانت عقوبة المحتال الذي يجمع 100 ألف ريال بطرق ملتوية عقوبة مغلظة فما بالكم بمن يجمع عشرات المليارات من أناس لا تتوافر لديهم الثقافة الاستثمارية الكافية؟
لديّ قناعة أن أولئك الذين ينجرفون وراء الشائعات أناس يحتاجون للحماية فهم معذورون في تصرفاتهم لأن رغبتهم في تحسين أوضاعهم المالية جعلتهم ينقادون وراء تلك الشائعات.
فإذا كان هناك طبيب مشعوذ فلا يجب الركون على وعي العامة في عدم الذهاب إليه فطلب العافية يجعل زبائنه كثر، وكذلك الحال في الأسهم، لذا فإن ثقتنا في الجهات المسؤولة كبيرة للقضاء على هذا الداء العضال وهنا لا أقصد هيئة سوق المال فقط, بل حتى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي