"ومابكم من نعمة فمن الله"
إذا أنعم الله على عبد نعمة فالواجب عليه أن يقابل هذه النعمة بشكر المنعم سبحانه وتعالى ولا يصرف شكره للأسباب المادية فحسب من مخلوق أو غيره فالله تعالى هو الذي يسر الأسباب ليتحقق ما يريده تعالى، قال عز وجل: "وما بكم من نعمة فمن الله" ونعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، قال سبحانه "وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة" فلا سبيل لعد نعمه فهي كثيرة متتابعة واللهث المحموم خلف حطام الدنيا أضعف هذا الجانب مع أن الإنسان يكفيه بعض ما في يده ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا" أخرجه البخاري، وما أظن قارئا لهذه الأسطر إلا وعنده قوت أسبوعه أو شهره بل قل سنته وكثير منهم يحترق حسرة على خسارة وندامة وما يستشعر ما يعيشه من نعم عظمى وصدق الله "وقليل من عبادي الشكور" وأذكر الجميع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أحب أحدكم أن يعلم قدر نعمة الله عليه فلينظر إلى من هو تحته ولا ينظر إلى من هو فوقه فهذا أجدر ألا يزدري نعمة الله عليه" ولنحذر من آفة طغيان أثر النعمة علينا حتى ينسينا شكر المنعم ونتذكر دائما إخوانا لنا عضهم الدهر بنابه وشربوا من البؤس ألوانا متنوعة ويتشفقون أدنى اليسير ومن يمسح على رؤوسهم أو يكفكف عبراتهم أو حتى ينظر إليهم بنظرة حانية وإن أصبت بأي مصيبة فقارنها بنعمة الله عليك فاحمد الله إن لم تكن هذه المصيبة في دينك أو أمنك أو نفسك وولدك وإن كانت في مال فاحمد الله أن أبقى لك ما يكفيك ويغنيك عن حاجة الناس وتذكر أيضا حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: "حدثني أبو سلمة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم يصاب بمصيبة فيفزع إلى ما أمر الله به من قوله "إنا لله وإنا إليه راجعون"، اللهم عندك احتسبت مصيبتي فأجرني فيها وعوضني منها إلا آجره الله عليها وعاضه خيرا منها، قالت فلما توفي أبو سلمة ذكرت الذي حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت في نفسي ومن مثل أبو سلمة فعاضني الله محمدا صلى الله عليه وسلم وآجرني في مصيبتي" أخرجه ابن ماجه، فلا تنسوا هذا الدعاء يا أرباب الأسهم عسى الله أن يخلفكم خيرا.
وإلى الملتقى