أدوار

<a href="mailto:[email protected]">alifba@hotmail.com</a>

استقطب كثير من الصحف والمجلات في المملكة العديد من الأدباء والمثقفين للعمل كمشرفين أو محررين في الملحقات الثقافية والفنية، ويعتبر هذا الاتجاه من الناحية المهنية صحيحا، إذ أن الأديب والمثقف هما المؤهلان عمليا للقيام بهذه المهمة الخطيرة.
الثقافة والفن بين أهم مكونات الشخصية الوطنية في كل زمان ومكان، وأهم بذور المعرفة والاتصال بالآخر القريب والبعيد وتشكيل المواقف الفكرية والأيدلوجية والجمالية. ومن هنا تنبع خطورة هذا العمل وأهميته البالغة، ولكن حين تطالع وتتصفح بعض المطبوعات تجد أن المشرف أو المحرر يلعب دور مسؤول علاقات عامة إذا يكتفي بنسج شبكة من العلاقات مع الكتاب والمثقفين ليملأ صفحات الثقافة والفن بكتاباتهم ومساهماتهم المختلفة.
قد تجد في الملحق الثقافي أو الفني كتابات مضحكة، ليس في مضمونها ولكن من تقاطعها مع بعضها البعض. تحتوي بعض الملحقات على خليط عجيب وغريب، فهناك فوق مساحة واحدة، الحداثة ونقيضها، التقدمية والرجعية، حرية الرأي ونفي الرأي الآخر. قد يرى بعض القائمين على هذه المحلقات أن هذا هو جوهر الديمقراطية، بينما هو في الحقيقة فقدان للمرجعية ومجرد تجميع غير متجانس.
أعتقد أنه ينبغي أن يكون لكل ملحق ثقافي أو فني شخصية وتوجه مميزان فكريا وفنيا. ولم لا يكون هناك ملحق ثقافي حداثي ممعن بالحداثة، وآخر تقليدي وممعن بالتقليدية؟ لم لا يكون هناك ملحق فني كلاسيكي وآخر يبشر بما بعد السوريالية والحداثة، وآخر المدارس الفنية والتشكيلية؟
الديمقراطية هنا هي قبول الآخر ومنحه الفرصة كاملة في أن يؤسس له موقعا وموقفا يعبر من خلاله عن توجهاته الثقافية والفنية والفكرية بكل حرية فوق منبره، وعدم استعداد السلطات لإسكات وإلغاء المنابر الأخرى.. فالساحة تسع الجميع.
حق التعبير والانتماء حق إنساني مشروع، كما أن الدعوة لتيار ثقافي أو فني أو فكري معين فيه إثراء للواقع الثقافي والفكري.
أحسب أن الأديب والمثقف اللذين لا يحملان ويهجسان بمشروع ثقافي وفني وفكري سوف تتجاذبهما التيارات دون أن يجد شاطئا آمنا ترسو عليه مراكبهما.
وأحسب أن أي ملحق ثقافي أو فني لا ينطوي على رسالة واضحة يعمل من أجل التبشير بها سيبقى مساحة غير واضحة الملامح والحدود. لقد عاصرنا في السبعينيات وأواسط الثمانينيات ملحقات معروفة، جاهدت وحاولت في تأسيس تيارات ثقافية وفنية وأدبية وفكرية أسهمت في تشكيل الوعي الحاضر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي