Author

توحيد فترتي التداول في سوق الأسهم

|
<a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a> بدأ الحظ أخيرا تحولا في لغة النقد الحادة المتعاطية مع شؤون هيئة السوق المالية، حيث تحولت الأقلام الناقدة إلى أقلام تتصف بالهدوء والتبصر في وضعية السوق واحتياجاتها، تقترح أكثر مما تنتقد، وتشرح أكثر مما تقدح. هناك من أرجع التحول الكبير الذي طرأ على أسلوب التعاطي مع قضايا الهيئة إلى تحسن الأسعار وارتفاع المؤشر الذي أدى إلى تغير نفسيات المهتمين بشؤون السوق ما انعكس إيجابا على أسلوب الطرح الإعلامي. ربما يكون هذا أحد الأسباب المؤثرة في التحول الأخير، إلا أنني أعتقد أن السبب الأكثر أهمية في إحداث هذا التغيير ربما يعود إلى تحول أسلوب تعامل الهيئة مع الإعلاميين، وإطلاعهم بالمستجدات، إضافة إلى تقبلها اقتراحات ورغبات المستثمرين والمختصين، واعتمادها كمصدر من مصادر المعلومات التي يبنى عليها القرار. بمعنى آخر، أن الهيئة أصبحت تبني معظم قراراتها على حاجة المستفيدين أنفسهم، شريطة ألا تتعارض مع القوانين والأنظمة هذا التعاون المثمر هو الذي ساعد على طرح الآراء والأفكار وبلورتها لخدمة السوق والمستثمرين والجهات الرسمية. وهو ما شجع على إعادة طرح اقتراح توحيد فترتي التداول في سوق الأسهم السعودية. المعروف أن ساعات العمل الرسمية في السوق السعودية تقوم على مبدأ تقسيم التداول إلى فترتين، صباحية ومسائية، بواقع ساعتين للفترة الواحدة، وهو أسلوب تفردت به سوق المال السعودية عن باقي الأسواق الخليجية. قد تكون هناك جوانب إيجابية تسوغ استمرارية العمل بنظام فترتي التداول اليومية، إلا أننا لا يمكن أن نغفل سلبيات النظام الحالي وأثره على السوق والمستثمرين. من أهم إيجابيات النظام الحالي، إتاحة فرصة التداول المباشر لجميع فئات المجتمع، خصوصا قطاع الموظفين، من خلال فترة التداول المسائية، وإعطاء السوق زخما في حجم التداول، وتخفيف الضغط على المتداولين بإعطائهم فرصة للراحة في فترة التوقف اليومية، وبعض الإيجابيات الأخرى. ومن سلبياته، إشغال المواطنين وربطهم بالسوق معظم اليوم ما يترتب على ذلك من سلبيات اجتماعية، تشجيع غير الملمين بأساسيات التداول من الموظفين على مباشرة التداول بأنفسهم، تغليب جانب المضاربات على الاستثمار، إتاحة الفرصة للمضاربين بالتأثير السلبي على السوق من خلال استغلال الفترة الصباحية للتجميع، والمسائية للبيع والضغط على الأسعار، كما صرح بذلك من قبل سعادة متحدث الهيئة الرسمي، وصعوبة عمل الهيئات الرقابية، الاستشارية، والتحليلية بسبب تعاقب الفترتين، إضافة إلى عدم منطقية احتساب رقمي إغلاق للأسعار والمؤشر في اليوم الواحد، وسلبيات أخرى لا يمكن حصرها في هذه العجالة. بالمقارنة البسيطة بين الإيجابيات والسلبيات، نجد أن سلبيات النظام الحالي تتفوق على إيجابياته، بل إن الإيجابيات يمكن تجاهلها جميعا عدا إيجابية واحدة وهي: إتاحة الفرصة للمستثمرين (المستثمرات) من الموظفين في مباشرة استثماراتهم بأنفسهم في الفترة المسائية. وهذه النقطة بالذات تحتاج إلى إعادة نظر بعد ما تعرض له صغار المستثمرين من خسائر فادحة من جراء الانهيار الكبير. أعتقد أن صندوق الملك عبد الله لذوي الدخل المحدود، وصناديق الاستثمار المزمع الترخيص لها مستقبلا إضافة إلى شركات الوساطة والبنوك وتوفير خدمات الإنترنت قادرون جميعا على تعويض فقد المجتمع لإيجابية فترتي التداول في حال إلغائها، بل ربما كان البديل أكثر إيجابية على أساس حسن إدارة استثمارات المواطنين، وتفريغهم لأعمالهم الخاصة، وإزالة الضغوط النفسية عنهم. أعتقد أن الوقت قد حان للتفكير الجدي في استبدال فترتي التداول اليومية بفترة واحدة تنحصر بين الثامنة صباحا و12 ظهرا، تقل أو تزيد. التطوير والتغيير سمة من سمات المجتمعات المتقدمة، ومراجعة الاحتياجات وتحديد الأولويات هي قاعدة البيانات التي يمكن من خلالها تشكيل القرارات المستقبلية والاستراتيجية. وطالما تحدثنا عن الاستراتيجيات، فلا بد من أن نشير إلى أن استراتيجية ربط أسواق المال الخليجية تستدعي تطابق الأنظمة التقنية والإدارية وأنظمة التداول اليومية التي يأتي في مقدمتها الاكتفاء بفترة التداول الصباحية أسوة بالأسواق الخليجية.
إنشرها