نظرة العالم إلى الصحة ودور التقنية الحديثة

 لا شك أن الصحة تعتبر من أكبر نعم رب العزة والجلال على الإنسانية قاطبة والإحساس بهذه النعمة العظيمة يبدأ عندما يتعرض أي شخص إلى أي نوع من أنواع المرض ولو كان زكاما خفيفا, ولكن عندما يتعلق الموضوع بالصحة تظهر الفروق الرهيبة بين مفهوم الصحة بين العالم المتقدم ودول العالم الثالث, فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية يعد المرض اعتداء على طبيعة الأشياء وتخصص أموال طائلة لإجراء بحوث طبية والتوصل إلى علاج ناجع, وإن عزت حتى الآن بالنسبة لبعض الأمراض مثل السرطان والإيدز.
وعلى النقيض من ذلك نجد أن الدواء في بعض دول العالم الثالث يعتبر ميزة، خاصة أكثر من كونه حقا مشاعا لأي إنسان وفي هذا الجزء من العالم يعتبر المرض جزءا من الحياة ولا ينظر إليه باعتباره نقيضا للصحة ودخيلا على طبيعة الأشياء.
وفي دول العالم الثالث يعتبر إنجاب العدد الأكبر للأطفال بمثابة بوليصة تأمين ضد الكبر والعجز, لهذا يرى الناس يتسابقون في الإنجاب, بأمل أن يكونوا سندهم بعد الله في المستقبل.
ومن المفارقات أن العالم المتقدم ينظر إلى كثرة الإنجاب في العالم الثالث على أنها تمثل انفجارا سكانيا يهدد قدرة كوكب الأرض على إعاشة نفسه, وبدقة أكثر فإن العالم المتقدم يعتبر كثرة الإنجاب في العالم الثالث تهديدا مباشرا له, وإن لم يفصح عن ذلك مباشرة.
ومن المفارقات أيضا أن كثيرا من الأمراض التي تفتك بساكني هذه الدول أصبحت غير معروفة لدى العالم المتقدم, من ذلك مرض الجذام الذي اختفى تماما منذ زمن طويل من العالم المتقدم, لكنه لايزال موجودا في دول العالم الثالث، حيث تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن هناك نحو نصف مليون حالة تكتشف سنويا, وتقول المنظمة إن هذا المرض كان قد تقلص من نحو عشرة ملايين حالة إلى أقل من مليون حالة خلال العقد الأخير, لكنه بدأ في الظهور مجددا في الدول المتخلفة.
وهناك من الأمراض التي يمكن علاجها إذا اكتشفت في وقت مبكر لكنها إذا استفحلت يصعب السيطرة عليها وتؤدي إلى عزل المرضى عن المجتمع.
ومع التقنية المتطورة في عالم الاتصالات نلاحظ أن أخبار إنفلونزا الطيور ومرض جنون البقر تشاهد كل يوم تتناقلها الفضائيات بمن أصيبوا بها ومن من العلماء يجرون أبحاثا للحد أو السيطرة على هذه الأنواع من الأمراض، ومن الأشياء المفرحة أن العالم يتسابق في إنتاج أنواع وطرق حديثة ليخلصوا البشرية من مختلف الأمراض والآفات، ويبقى التوفيق بيد الله، وكذلك الشفاء من هذه الأمراض وغيرها يرجع إلى الله وحده، والشيء الذي لا يمكن لأحد أن ينكره أن هناك استفادة من الأبحاث التي تجرى لمثل هذه الأمراض والسيطرة عليها قدر الإمكان.

- رئيس تحرير "عرب نيوز"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي