الاشتباه في المياه (2)
إن شك في طهارة الماء بأن علم أن الماء نجس ثم طرأ عليه شك في طهارته فالعمل على اليقين السابق وهو النجاسة لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان وإذا لم يقم دليل يغير الأصل السابق فلا يلتفت إلى ما سواه. يدل على هذا حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن النبي, صلى الله عليه وسلم, شكا إليه الرجل يجد الشيء في بطنه فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" أخرجه البخاري ومسلم فأمر النبي, صلى الله عليه وسلم, بالبناء على الأصل وهو بقاء الطهارة.
ومن النظر أن الأصل بقاء الشيء على ما كان حتى يتبين التغير وبناء على قول النبي, صلى الله عليه وسلم, في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسألة الشك في الصلاة: "فليتحر الصواب ثم ليبن عليه" أخرجه البخاري ومسلم وكذا يقال في الثياب الطاهرة إذا اشتبهت بثياب نجسة فإنه يجتهد في طلب الثوب الطاهر وما توصل إليه اجتهاده صلى فيه إذا كان لديه القدرة على الاجتهاد والتحري.
أما إن لم يكن لديه آلية الاجتهاد كالأعمى وقليل المعرفة فالواجب عليه اجتناب الجميع تغليبا لجانب الحرمة وكذا يقال أيضا في الأمكنة الضيقة فإذا علم أن زاوية منها نجسة ولا يمكنه الصلاة خارج هذا المكان فيجتهد في البحث عن المكان الطاهر ويصلي فيما أداه اجتهاده وغلب على ظنه أنه الطاهر هذا ما سمح به المجال وأكمل الحديث عن المسألة الثالثة في اللقاء المقبل إن شاء الله والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.