التطوير والابحاث R&D

المعلومة الصحيحة هي المصدر الرئيس التي يعتمد عليها في اتخاذ القرارت الصحيحة, وهذه المعلومة مغيبة في كثير من قطاعات الأعمال لدينا على اختلاف تخصصاتها, وأقصد أن الاهتمام ببناء قواعد المعلومات يقبع في ذيل الأولويات إن لم يكن معدوما أصلا، فمثلا الشركات العالمية الكبرى تستثمر الكثير من الأموال, وتصل في بعض الأحيان إلى ملايين الدولارات, في هذا القطاع, إضافة إلى مراكز البحوث والتطوير التي تنشئها في شركاتها للحصول على المعلومات بشكل مستمر ودقيق لتساعدها على اتخاذ القرارات بما فيها القرارات الاستراتيجية والتي قد تحدد مسارها في بعض الأحيان، وفي قصص كثيرة ومثيرة لشركات عالمية كانت تنوي تغيير بعض أعمالها أو منتجاتها اعتمادا على آراء الإدارات التنفيذية لديها ولكن بعد الدراسة والبحث على القطاعات المستفيدة من خدماتها أو منتجاتها تكتشف أن التغيير سوف يعود بخسائر أو مشاكل عليها ثم تعدل عن القرار. صحيح أنها خسرت مبلغا في الدراسات والذي اعتبره استثمارا ولكنها لم تخسر عملاءها أو أسواقها.
وفي المجال العقاري المعلومة الدقيقة عن توجهات السوق والحاجة للمشاريع المختلفة شبه معدومة ويعتمد استخراجها على اجتهادات وإحصاءات تعد اعتمادا على التخمين ومن داخل مكاتب الشركة، أو اعتمادا على دراسات قديمة وغير دقيقة بالإضافة إلى الاستعانة ببعض المكاتب الاستشارية التي لا تكلف نفسها عناء البحث عن المعلومة وتقديمها بشكل عشوائي ومكرر والتغيير فقط في النماذج التي تقدم للعملاء مما يؤثر سلبا على أنشطة هذا القطاع الحيوي، هناك شركات تعمل بمئات الملايين وبعضها بالمليارات وتستخسر الاستثمار في بناء قاعدة معلومات داخلية أو التعامل مع جهة احترافية متخصصة في المجال تساعدها على تحديد توجهات السوق ومتطلباتها وتحديد احتياجات عملائها المستهدفين بدقة ومن هنا يأتي الإخفاق في كثير من الأحيان، فلو أردنا معرفة عدد الوحدات السكنية التي تحتاج إليها السوق اليوم أو التي ستحتاج إليها سنويا فلن نجد أرقاما دقيقة أو متشابهة إنما مجرد اجتهادات فليس هناك مصدر دقيق وإن وجد فهو يغطي مكانا أو زمانا محدد، لذا كانت العشوائية في تنفيذ العديد من المشاريع التي لم تبن على دراسات تسويقية ودراسات للجدوى الاقتصادية وهي للأسف كثيرة وخير مثال على ذلك المجمعات التجارية الكبرى التي تملأ المدن الرئيسية وخصوصا جدة والرياض وبعضها لايكاد يغطي تكاليفه والنتيجة الجميع يخسر، الأدهى والأمر أن هناك مجمعات جديدة تحت الإنشاء بينما هناك مدن أو محافظات كبيرة لا يوجد فيها أسواق تجارية كبرى مما يضطر أهلها للسفر مئات الكيلومترات للتسوق في المدن الكبرى وعلينا حساب التكاليف والمخاطر وضغط الحركة المرورية! أتمنى أن نرى شركة أو شركات تتخصص في جمع المعلومات أو الأبحاث والتطوير وتقدم خدماتها باحترافية لشركات التطوير والاستثمار العقاري والسياحي والقطاعات المرتبطة بهما ويشترك الجميع فيها إما بالتأسيس وإما الاستفادة من خدماتها بمقابل، بعيدا عن عقدة المنافسة والخوف على أسرار العمل أو الاستيلاء على أفكار الشركة.. ونحن مقبلون على طفرة عقارية جديدة, هل سيبقى الحال على ماهو عليه أم أن الاهتمام بالدراسات وجمع المعلومات سيلقى الاهتمام الكافي؟ أتمنى ذلك.

مستشار في التسويق والعلاقات العامة

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي