"الدعوى على من بيده العين 2"

ذكرت في مقال الأسبوع الماضي أن الدعوى بالمطالبة بالعين عقارا كانت أو منقولا تكون في مواجهة من هي بيده ولو كان هذا الأخير قد حازها بطريق صحيح وله أن يرجع على من باعه, وقد ذكرت في المقال بعض المسائل المتعلقة بهذه الموضوع, وأزيد في هذا المقال ثلاث مسائل.
الأولى: أن المقصود بصاحب العين الذي تقام عليه الدعوى هو من كانت يده يد ملك, أما اليد العارضة كما يعبر الفقهاء مثل المستأجر والأمين ونحوهما, فلا تصح الدعوى تجاههم بالمطالبة بالعين, لأنهم لو أقروا بصحة الدعوى فلا يلزم المالك بشيء.
الثانية: إذا توفي شخص عن تركة فيها أعيان وله ورثة, وأراد شخص الادعاء بعين من أعيانها كان الخصم له هو الوارث الذي في يده تلك العين, ولا تسمع الدعوى بها على غيره من الورثة, وبخصوص الدعاوى على الورثة فإني أنبه هنا من باب الفائدة إلى خطأ شائع لدى كثيرين, وهو الظن أن الورثة يتحملون ما كان في ذمة والدهم من ديون وحقوق, وهذا غير صحيح, فإن ذمة والدهم تختلف عن ذممهم, وعليه فإن على المدعي أن يطالب بحقه من عين التركة ويكون ذلك في مواجهة من هي بيده من الورثة.
الثالثة: ما سبق ذكره في هذه المقالة والمقالة السابقة لها من أن الخصم في دعاوى العين هو من كانت العين بيده يستند كما أشرت إلى أن انتقال العين من شخص إلى آخر لا يمنع تتبع هذه العين, وبخصوص العقارات فإن هذا التأصيل يصح في ظل تسجيل العقار وفقا لـ "نظام التسجيل الشخصي", وهو النظام المعمول به في المملكة حاليا, وأما في حال كان تسجيل العقار وفقا لـ "نظام التسجيل العيني", والذي سيطبق في المملكة, فإن هذا النظام يمنع تتبع العين, ويحصر المطالبة بالمتسبب بالضرر وتفويت العين على صاحبها, وموجب ذلك: هو أن نظام التسجيل العيني يأخذ بنظرية "الحجية المطلقة", والتي تعني أن من انتقل إليه العقار عن طريق مكاتب السجل العقاري فإن وثيقته لها حجية مطلقة فلا يجوز الطعن فيها, ولو أثبت المدعي أنه صاحب العقار, بل عليه الرجوع على من تسبب بالضرر, ولهذا فلسفة قانونية ومستند شرعي تطرقت إلى بعضها في مقالات سابقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي